الأربعاء 24، إبريل 2024
18º
منذ 6 سنوات

وعد بلفور المشئوم .. أكليل عار على جبين بريطانيا

وعد بلفور المشئوم .. أكليل عار على جبين بريطانيا
حجم الخط
راديو اورينت- كلارا العوض- مئة عام من العزلة، هي غير تلك المأثرة الرائعة في الأدب العالمي للروائي العالمي غابريل غارسيا مركيز، بل هي مئة عام على إعلان ذلك الوعد المشئوم المعروف بوعد بلفور ذلك الوعد اللعين الذي تسبب لشعبنا منذ أن خطت كلماته بمعاناة وألم استمرت منذ مئة عام مضت.       إنها مئة عام من العزلة الإجبارية عن ارض الآباء والأجداد التي اراد لها أن تكون بلفور لغير أصحابها، انها مئة عام من التشرد والتهجير ومحاولة تفتيت أوصال شعبنا الفلسطيني بموجب ذلك الوعد المشئوم الذي شكل خطوة الغرب الاستعماري الأولى بقيادة بريطانيا لدق مسمار الالم في عظام شعبنا، انها مئة عام على الخطوة الأولى في طريق العار الذي يكلل جبين بريطانيا في إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين وعلى حساب شعبنا المتجذر فيها منذ آلاف السنين.       إن ذلك الوعد الذي جاء على شكل تصريح موجه من قبل وزير شئون المستعمرات في حكومة ديفيد لويد جورج إلى اللورد روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية على اثر تواطؤ مكشوف بين الرأسمالية العالمية المتمثلة ببريطانيا في حينه وبين الرأسمال اليهودي الذي مثلته عائلة روتشيلد، أحدى أهم العائلات المؤسسة للحركة الصهيونية في العالم، وقد أرادت بريطانيا ومن معها من الدول الامبريالية أن تخلق كيانا يمثل رغباتها ويضمن سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط، الغنية بالثروات، هذا بالإضافة إلى محاولة العديد من دول العالم التخلص من اليهود في دولهم بإلقائهم في بلادنا.       ونتيجة لذلك جاء هذا الوعد، الذي مثل بذلك وعد من لا يملك لمن ليس له حق ومن اجل تنفيذه اتحدت جهود كل هؤلاء في مواجهة شعبنا الذي تمسك بأرضة رغم حجم المؤامرة واتساع حجم المتآمرين، الذين لم يألوا جهدا لتنفيذ ما جاء في الوعد فتتابعت الهجرة اليهودية من شتى أقطار العالم. لأرض فلسطين ومع استمرار موجات الهجرة بدأ كفاح شعبنا في محاولة بطولية لإبطال مفعول هذا الوعد ومنع تنفيذه على الأرض فتمسك بأرضه وناضل بمختلف الأشكال دفاعا عنها الا أن حجم المؤامرة كان اكبر، فتحالفت الامبريالية العالمية والحركة الصهيونية مع الرجعية العربية وكانت النتيجة المؤلمة ضياع فلسطين وتشريد اهلها، وهذه المأساة التي نعيش فصولها ومازالت قلوبنا تقطر دما بفعلها، إنها المؤامرة التي نسعى وسنبقى نناضل من اجل محو أثارها واستعادة الحق لأصحابه مهما بلغ الثمن ومهما طال الزمن.       اليوم وبعد مئة عام من وعد البؤس، الذي استندت له الحركة الصهيونية في إقامة دولتها العنصرية على أنقاض شعبنا في ارتكاب مجازرها وعدوانها المتواصل وجرائمها التي لم تتوقف، يمكننا القول وبالرغم من حجم الخسارة التي لحقت بنا أن المشروع الصهيوني لم يحقق كامل أهدافه باقتلاعنا من أرضنا فما زال شعبنا متمسكا بحقوقه يناضل من أجل استعادتها وقدم على هذا الطريق الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين، وخاض كفاحا مريرا بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية في مختلف الساحات والمنابر إلى أن غدت القضية الفلسطينية الحاضرة في كل المحافل الدولية، وباتت مسألة حق شعبنا في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة مسالة مفروغاً منها مستندة إلى قرارات الشرعية الدولية، وبات علم دولة فلسطين يرفرف خفاقا في سماء العالم وعلى منصات هيئاته الدولية رغم رفض الاحتلال وأعوانه الذين يحاولن القفز عن حقوق شعبنا، إلا أن العالم كله بات يدرك بأن إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس هي الشرط الذي لابد منه لضمان الاستقرار والأمن، ليس في المنطقة فحسب بل وفي العالم أيضا.       اليوم وبعد مضي قرن من الزمن ونحن نعيش ذكرى الوعد البائس فإن شعبنا لن ينسى بأجياله المتعاقبة ما أصابه من معاناة وضرر، وهو لن ينسى أيضا أن بريطانيا تتحمل المسؤولية الكاملة عن كل ذلك، وأن الوقت قد حان لمطالبتها بالعودة عن جريمتها هذه واعتذارها عن ذلك دون مواربة وليس كما تفعل الآن بإقامة الاحتفالات والتعبير عن الفخر بما قامت به من دور يرتقي إلى دور المجرم بارتكاب جريمة العصر، بطرد شعب والقيام بأوسع حملة تطهير عرقي بحق شعبنا الفلسطيني بموجب الترخيص الذي مثله وعد وزيرها المشئوم، الأمر الذي يتطلب التكفير عن جريمتها والاعتراف بحق شعبنا في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمته القدس، وعودة اللاجئين الى ديارهم.       ويبقى أن نقول نحن اليافعون من أبناء الشعب الفلسطيني، الذي اكتوينا ومازلنا بنار بلفور ووعده المشئوم وما زلنا نعاني من ويلاته وتبعاته ستبقى أصواتنا تصدح في كل المحافل والساحات بأن هذا الوعد جريمة إنسانية وتاريخية بحق شعبنا الفلسطيني، وسنناضل بشتى السبل والوسائل لمحو أثاره ، وعلى بريطانيا الاعتذار وجبر الضرر الذي لحق بشعبنا والاعتراف بدولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى ديارهم.       إن هذا فقط كفيل بإزالة العار الذي يكلل جبين بريطانيا وسيبقى كذلك الى ان تعتذر.