الجمعة 29، مارس 2024
18º
منذ 3 سنوات

المصالحة وإنهاء الانقسام!!

المصالحة وإنهاء الانقسام!!
حجم الخط

شبكة وتر-"احنا صادقين... صادقين وعشان نقول للكل احنا عملنا هذا الموضوع لحالنا."

هذه الكلمات خرجت على لسان اللواء جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد صالح العاروري حيث أعلنا عن الاتفاق بين الحركتين على العمل معاً من أجل مواجهة صفقة القرن ومخطط الضم ميدانيا وسياسيا.

سأتناول اليوم موضوع المؤتمر الصحفي الذي جمع فتح وحماس من عدة جوانب:

أولاً: المؤتمر الصحفي ليس إعلاناً للوحدة وإنهاء الانقسام وإنما خطوة أولى باتجاه الوحدة، لذلك الشعب يحتاج لرؤية خطوات عملية حتى تنال هذه المبادرة الثقة الكاملة.

ثانياً: خروج وجوه فلسطينية جديدة له معنى عميق، فعلى مدار ١٤ عاماً مضت وفي الجولات العديدة التي خاضها الطرفان بوساطات مختلفة ونحن نرى نفس الشخوص حتى فقد الشعب الأمل بأن يخرج شيء جدي من نفس الأسماء ونفس الأفكار ونفس المحاولات التي تكررت كثيرا ولم تأتِ بالوحدة! نتأمل أن نرى وجوه أعلى الهرم في المرحلة المقبلة حتى يتعزز شعور الثقة بمبادرة المصالحة. ونتمنى ان نرى وجوها شابة تأتي بفكر جديد وروح معطاءة.

ثالثاً: عدم وجود راعٍ خارجي لهذه المبادرة والتأكيد على أنهم صادقون مُلفت للنظر، أجد هذه الكلمات مهمة جداً وسأضعها في إطار نظري، انطلاقاً من علم حل الصراع وأدواته المختلفة التي تشمل الوساطة وما نسميه "الطرف الثالث" اي تدخل طرف ثالث عادة ما يكون محايدا أو ليس له علاقة أو منفعة مباشرة مع أحد أطراف الصراع حتى يتمتع بمساحة من المصداقية والشفافية والقدرة على تقريب وجهات النظر بين طرفي الصراع. في الحالة الفلسطينية منذ عام ٢٠٠٦، شهدنا تدخلات عديدة تحت مُسمى الطرف الثالث، من الرياض الى القاهرة الى الدوحة الى جنيڤ الى موسكو وغيرها، الا أن كافة هذه الجولات او حتى ما خرج عنها من تفاهمات فشلت في إنهاء الانقسام الفلسطيني ولَم تأتِ بالوحدة الفلسطينية الحقيقية.

أرى أن تركيز الرجوب على هذه النقطة غاية في الأهمية من زاويتين: فهو يقول للشعب الفلسطيني انهم صادقون ويطمئن الجمهور الذي سئمَ أخبار المصالحة العبثية أن هذه المرة غير!

من ناحية أخرى، هو يوجه رسالة لمختلف اللاعبين الإقليميين والدوليين بأن طرفي الانقسام أدركوا الخطر وتبنوا النية الحقيقية لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة دون ضغوطات أي طرف يسعى لخدمة مصالحه من خلال الوساطة في فلسطين.

تحدثت عن الفرص السياسية في ظل الكورونا وكانت الوحدة وإنهاء الانقسام في أولويات هذه الفرص، إضافة لكسب ثقة الشعب وإعادة ترتيب البيت الداخلي، إلا أننا لم نستثمر كفاية حتى الآن، في ظل تهديدات نتنياهو المستمرة والصمت الدولي والتراجع المحلي، أتمنى أن تثمر هذه المبادرة وأن تكون حقيقية وليس فقط ردّة فعل لتصريحات نتنياهو المتعلقة بالضم، أتمنى أن تكون القيادات الفلسطينية قد أدركت أخيراً أن المصلحة الوطنية تبدأ بالوحدة وإنهاء الانقسام وأن تدرك بأن انشغالنا في خلافاتنا الداخلية ألهانا لعقد ونصف من الزمان عن مواجهة خطر المشروع الاستيطاني الكولونيالي الذي وصل اليوم للحديث مباشرة عن نية اسرائيل بالضم.

اإصلاح الحال الفلسطيني لن يأتِ إلا من الداخل، أتمنى من القائمين على المبادرة (الرجوب وعاروري) أن يستثمروا بجيل الشباب في مختلف الفصائل حتى نضمن فكرا مستنيرا وأساليب عصرية شابة قادرة على تحقيق المصلحة الوطنية الفلسطينية قبل المصلحة الحزبية.

الوحدة هي قانون الانتصار.