الثلاثاء 16، إبريل 2024
18º
منذ 5 سنوات

لماذا يدفعنا أشخاص للشعور بعدم الارتياح؟

لماذا يدفعنا أشخاص للشعور بعدم الارتياح؟
حجم الخط

شبكة وتر-قد يثير بعض الأشخاص من حولك شعورا غريبا بداخلك، حيث تشعر وكأنهم يحدقون فيك وبصدد الحكم عليك وانتقادك، مما يجعلك تشعر بالغرابة، في حين تسري قشعريرة في جسمك. ولكن ما السبب وراء هذه المشاعر؟

قد تكون محظوظا لتتمكن من الهروب من طريقة نظرتهم لك وألا تضطر للتعامل مع تحديقهم غير المرغوب. ولكن في بعض الحالات قد تعلق في مواقف تفرض عليك أن تشاركهم المكان ذاته، على غرار اجتماعات العمل أو لقاء عائلي. ولعل ما يزيد الأمر تعقيدا، عجزك عن تفسير شعور بانعدام الراحة في وجود بعض الأشخاص.

تقول سوزان كراوس وايتبورن، أستاذة العلوم النفسية والعقلية في جامعة ماساتشوستس، في تقرير نشرته مجلة "سيكولوجي توداي" إن دراسة جديدة ركزت على شكل محدد من الشعور بعدم الارتياح بين الأشخاص، يتعلق بالنظر إلى بعض الأشخاص على أنهم أشياء جنسية.

وشارك في الدراسة 61 رجلا، معظمهم من الطلاب، وتتراوح أعمارهم بين 20 و40 سنة. وقد جلس المشاركون أمام أجهزة تتبع حركة العين في حين وضعت أمامهم مجموعتان من المحفزات التي تمثل صورا لنساء.

في المجموعة الأولى وضعت صور نساء غربيات مثاليات يرتدين ملابس مغرية. وفي المجموعة الثانية من الصور، كانت النساء يرتدين ملابس محتشمة ويبتسمن. وقد طلب من المشاركين إبداء حكمهم الإيجابي أو السلبي بشكل سريع على المرأة في الصورة.

وبحسب الدراسة فإن هذا "التشييء الجنسي هو النظر إلى الجسد الإنساني على أنه غرض للاستخدام الجنسي"، وعندما يتجسد هذا من خلال الغمز أو النظرات الشهوانية سيعاني الهدف، الذي غالبا ما يكون امرأة، من العديد من التبعات الخطيرة من قبيل اختلال الأداء المعرفي، والشعور بالخجل إزاء الجسد، والقلق بشأن البنية الجسدية. وقد يصل الأمر إلى حد تساؤل الشخص موضع التحديق ما إذا كان هناك شيء قبيح أو عيب في مظهره.

وتوصل محررو الدراسة إلى أن الرجال الذين لا يتوانون عن غمز النساء والنظر إليهن بشهوانية، أظهروا ميولا أكبر نحو ارتكاب اعتداءات جنسية. بالإضافة إلى ذلك، هناك احتمال أنه من خلال تشييء النساء يحكم الرجال على هؤلاء النساء بأنهن "أقل كفاءة وعاطفية ويفتقرن للأخلاقيات، كما أنهن أقل ملاءمة لتولي القيادة". 

وتشير نظرية التشييء إلى أن التوجه القائم على الفصل بين التحديق في جسم امرأة والتحديق في وجهها، ينتج عنه النظر للمرأة بأسرها على أنها غرض جنسي، حيث يخلق تحديق الرجال في المرأة إمكانية معاملة جسدها، أو أجزاء جسمها أو الوظيفة الجنسية بشكل منفصل عن شخصيتها وكيانها، وكأن هذه الجوانب قادرة على تجسيد حقيقة المرأة، بحسب الدراسة.

بعبارة أخرى، حين تكون نظرة الرجل موجهة لجسم المرأة سيعاملها على أنها شخص موجود بالكامل من أجل متعته وتلبية رغباته.

وقد كانت الأبحاث السابقة التي كانت تحاول إثبات صحة هذا الأمر، محدودة نظرا لحقيقة أن النتائج التي توصل إليها الباحثون اعتمدت على الإبلاغ الذاتي، حيث ذكر الرجال إلى أي مدى ينظرون للنساء من حولهم على أنهن أغراض جنسية. 

واعتبرت سوزان كراوس وايتبورن أن هذه الدراسة تفسر للمرأة لماذا قد يجعلك بعض الأشخاص تشعرين بعدم الارتياح. فغالبا ما يكون من الصعب تحديد الشكل الخفي للتحيز الجنسي ضد المرأة الذي يتجسد من خلال نظرات الرجل. قد تشعرين بأن أمرا ما غير طبيعي أو مقلق، لكنك تعجزين عن معرفة ماهيته بالتحديد.

ورغم أن هذه الدراسة عاينت ممارسات تحيز جنسي ضد المرأة، فإن الباحثين أشاروا أيضا إلى أن مثل هذه الممارسات الخفية تجاه مجموعة من الأشخاص يمكن أن تتجسد في أشكال أخرى من الأحكام المسبقة والتمييز العنصري.

فقد تشعر أن شخصا ذا لون أو ديانة أو جنسية مختلفة بصدد التحديق إليك وانتقادك، ولكنك لا تملك أي دليل على أن هناك نية سيئة أو موقفا سلبيا موجها ضدك. وإذا كنت شخصا كبيرا في السن، قد تشعر بأن الأصغر سنا أيضا ينظرن إليك بطريقة نقدية أو بها قدر كبير من الحكم المسبق عليك. ولكن لا يمكنك أن تتأكد من ذلك، إلا إذا أعرب عن ذلك مباشرة.

إذن فالسبب وراء حقيقة أن بعض الأشخاص يجعلونك تشعر بعدم الارتياح قد يكون مرتبطا بدرجة أكبر بشخصيتهم، وليس على علاقة مباشرة بك. وإذا كان بإمكانك أن تغادر المكان أو تلتهي بالتفكير في أمر آخر، ستتمكن من تجنب تلك النظرات غير المرغوبة التي تعرقل إمكانياتك لتحقيق الرضا عن النفس.