تاريخ النشر: 2018-06-06 13:08:38

بدون مؤاخذة-السلامة للأردن

بدون مؤاخذة-السلامة للأردن

من حقّ الشّعب الأردنيّ أن يعيش حياة كريمة رغيدة تليق به، ومن حق الأردنّ على الأردنيّين أن يحموه، وأن يفدوه بأرواحهم، والحراك الأخير في الشّارع الأردنيّ لافت للانتباه، ويثير تساؤلات كثيرة، فهل هو حراك مطلبيّ بريء يسعى إلى تحسين الآداء الحكومي، وتخفيف الأعباء عن المواطن الأردنيّ، أم أنّ وراء الأكمة ما وراءها؟


وفي الواقع أنّ ما جرى في بلدان عربيّة مثل ليبيا، سوريا، وغيرهما وإن بشكل متفاوت يجعل المرء يضع يده على قلبه خوفا على الأردن، فالأردنّ مستهدف من قبل القوى التي تسعى إلى إعادة تقسيم المنطقة خدمة للمشروع الصهيوني التّوسعي، وللمصالح الأمبريالية، ولتصفية القضية الفلسطينيّة.


وبعيدا عن نظريّة المؤامرة دعونا نتعامل مع ما يجري في الأردن بعقلانية متناهية، ولفهم جزء ممّا يحاك ضدّ الأردنّ فإنّني أتمنى على الأردنيّين جميعهم أن يعودوا لقراءة كتاب نتنياهو الذي صدر بداية تسعينات القرن العشرين، والذي ترجم الى العربية تحت عنوان"مكان تحت الشمس" ومع أنّ نتنياهو في حينه لم يكن شخصية بارزة، إلا أنّه ومنذ أن استلم رئاسة الحكومة الاسرائيلية يقوم بتطبيق معتقداته التي وردت في الكتاب، فالرّجل يرى الأردنّ جزءا من أرض اسرائيل التاريخيّة، والتي يعتبرها تطل على الصحراء العربية-المقصود الجزيرة العربية-، والرّجل الذي كرّر في كتابه عشرات المرّات ما يفهم منه أنّه لا يعترف بوجود الأردنّ، وبعد أن يؤكد استحالة إقامة دولة اخرى بين النهر والبحر، ويقصد بذلك الدولة الفلسطينية العتيدة، فإنّه يؤكّد على أنّ الأردن هو وطن الفلسطينيّين، وأنّه من السّهل تشجيع انقلاب عسكري في الأردنّ، وتسليم الحكم فيه للفلسطينيّين!


وقضية الوطن البديل التي يؤمن بها نتنياهو وكثير من الأحزاب الاسرائيلية ومنها حزبه "الليكود"، لم يتخلوا عنها حتى بعد توقيع اتفاقية وادي عربة عام ١٩٩٤ بين اسرائيل والأردن، وقد انطلقت تصريحات بهذا الخصوص من أكثر من مسؤول اسرائيلي رفيع.


وإذا ما لاحظنا ما يجري في المنطقة منذ وصول ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، وطرحه لما يسمى "صفقة القرن" واعترافه بالقدس عاصمة لاسرائيل في مخالفة واضحة لقرارات مجلس الأمن الدّولي، وللقانون الدّولي، وللوائح حقوق الانسان وغيرها، فمن الملاحظ أنّ الادارة الأمريكية وحليفتها اسرائيل غير راضيتين عن الموقف الأردني الرّسميّ من القدس تحديدا، ومن الصفقة الجريمة بشكل عام، ومن هنا بدأت الضّغوطات على الأردنّ والتّضييق عليه اقتصاديّا، والتي بدأها "الأشقاء" قبل الأعداء! فهل ينتبه الشعب الأردنيّ بجميع منابته وأصوله وقواه العاملة من أحزاب ونقابات وغيرها؛ ليفوّتوا الفرصة على من يتحيّنون الفرص للايقاع بهذا البلد، وجرّه الى اقتتال لن يربح منه الا الأعداء، وهذا ما لا يتمنّاه أحد للأردن؟


وبالمقابل فإنّ الحكومة الأردنيّة مطالبة بملاحقة الفاسدين والمفسدين الذين نهبوا وينهبون خيرات الأردنّ ومحاكمتهم واسترداد ما نهبوه، كما أنّها مطالبة باستغلال موارد الأردن وتنمية قدراته الاقتصاديّة ليعتمد على موارده بدلا من المعونات المشروطة التي تنتقص من استقلالية البلد.