تاريخ النشر: 2022-01-24 10:13:15

عام على بايدن .. الكثير من الاقوال الجميلة.. ‏

عام على بايدن .. الكثير من الاقوال الجميلة.. ‏

شبكة وتر-من الصعب على أي رئيس أمريكي يأتي بعد دونالد ترامب أن ينافسه في الحضور الطاغي الذي فرضه ‏على العالم كرهاً او حبًّا فهو /بلا منافس/ الأكثر جذباً وجدلاً وصخباً.. وبتركته الثقيلة المحمّلة بالفوضى ‏والفردية داخليًّا وخارجيًّا لا يمكن الحكم بموضوعية على نجاعة سياسة بايدن بعد عام واحد فقط، خاصة مع ‏تحديات استمرار جائحة كورونا والكوارث الطبيعية التي اجتاحت أمريكا العام الفائت من أعاصير وحرائق ‏غابات، والتي يبدو أنها اجتمعت فأثقلت كاهل الرئيس الثمانيني وعطّلت تحقيق أبرز وعوده الانتخابية، إنما ‏تجب المراجعة /التي لن يتسع لجلّها مقال صغير/ لكن كمحاولة لاستكشاف مؤشرات أين ستذهب الاعوام ‏القادمة . ‏

‏ منذ وصوله البيت الأبيض وضع بايدن التحديات الداخلية كأولوية استراتيجية (الجائحة ، الاقتصاد، ‏العنصرية، لململة الشمل الأمريكي وإصلاح الشرطة) فتعهّد بالقضاء على الفيروس اللعين وإصلاح ‏الاقتصاد، لكن ما أن وصل الى كرسي المكتب الدائري حتى أطلت المتحوّرات دلتا وأخواتها ووصلت ‏الاصابات الى مستويات قياسية، وقضت على آماله في القضاء على الجائحة، وبات التعايش مع الفيروس ‏سياسة وهدفاً. ورغم ذلك استطاع أن ينهي عامه الاول بتسجيل غير مسبوق تاريخيًّا لأدنى مستوى للبطالة ‏وتوفير 6 ملايين وظيفة. وفيما يتعلق بإصلاح الشرطة والعنصرية وحرية التصويت الذي يدّعي أنه يهدف ‏إلى تقليل تأثير المال في الانتخابات الامريكية وحماية الأقليات، فلم تنتج جهوده شيئا مع فشل تمرير ‏قانوني جورج فلويد للعدالة وإصلاح التصويت في الكونجرس في ظل مقاومة شرسة من الجمهوريين وبعض ‏من الديمقراطيين.‏

خارجيًّا، ومع رفعه شعار “عودة امريكا” للقيادة العالمية، بدا بايدن مصمّمًا على عكس مسارات سلفه المربكة، ‏فعادت أمريكا لاتفاقية باريس للمناخ، وللحوار العاقل والتعاون مع حلفائها في الأطلسي رغم أن بروز ‏المشكلة الروسية/ الاوكرانية أظهر تباينًا في الآراء بينهم. وبالنسبة للعملاق الصيني أحد أكبر الهواجس ‏الأمريكية الحالية، كان البعض يتوقع من الإدارة الجديدة الغاء العقوبات التي وضعها ترامب على الصين، ‏إنما ظهر العكس، فقد استمر بايدن في اتباع نفس سياسة سلفه السابقة فيما يعرف “بالمنافسة الاستراتيجية” ‏يرافقها قليل من اللّحلحة الدبلوماسية المنضبطة بغرض الحيلولة دون تحول المنافسة الى نزاع .

لعلامة ‏البارزة في عام بايدن كانت الفشل الذريع لشكل الانسحاب الفوضوي من افغانستان والذي كان أشبه بالهروب ‏الكبير مع صور أشخاص يتساقطون من الطائرات، وتسليم البلاد فريسة للطالبان في فضيحة مدوية تؤكد ‏على مدار التاريخ النهج الاستعماري لكل قوة مستعمرة وتبرز التناقض الصارخ بين شعارات حقوق الانسان ‏والديمقراطية ومصالح امريكا . ‏

أما الشرق الاوسط، فمنذ سنوات نشهد الاستراتيجيات الامريكية تحاول أن تنأى بنفسها عنه لتواجه تحديات ‏الشرق الأقصى والمحيط الهادي، لكن يبقى الشرق الاوسط المنطقة الوحيدة في العالم القادرة على احداث ‏مفاجآت دائمة وصادمة وجاذبة تفرض وجودها على أجندة أمريكا وغيرها… بايدن وضع ثلاثة أهداف ‏لعلاقته مع المنطقة :‏

عودة ايران الى الاتفاق النووي : يبدو أن الأمر ليس سهلا كما تصورته ادارة بايدن . فلم تهرول ايران ‏ساعية للعودة، وحتى اللحظة تقف المسألة بينهما ضمن عقدة من يبدأ اولاً: وقف العقوبات أم وقف البرنامج ‏النووي ورغم استمرار المفاوضات في فيّينا بوتيرة بطييييئة جدا ، إلا أن عودة فعالية الاتفاق النووي هو ‏مصلحة أمريكية / ايرانية من المرجح جدا إتمامها قبل انتهاء حكم الديمقراطيين. ‏

عودة العلاقات مع الفلسطينيين : أو بالأحرى العودة للسياسة القديمة التقليدية … شهد عام بايدن الاول ‏جملاً منمقة كثيرة وأفعال قليلة : لا حل إلا حل الدولتين عبر مفاوضات غير موجودة وغير ممكنة / عودة ‏للاعتماد على الشركاء الاقليميين لحل الازمات الطارئة / لا ضغط على اسرائيل/ لا عودة للقنصلية ‏الامريكية في القدس أو إعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن/ عودة للمساعدات الامريكية ‏وللاتصالات مع الفلسطينيين / لم يتم استثمار التطبيع على مسار حلحلة القضية الفلسطينية بل بالعكس ‏فإن نادي التطبيع استمر في جذب اعضاء جدد دون تقدم فلسطيني . المحصلة: جمود منضبط !!‏

احتواء الازمات العربية : يدل نهج إدارة بايدن على احتواء مشاكل الدول الفاشلة في العالم العربي بقصد ‏عدم تفاقمها لتصبح مصدر تهديد للمصالح الامريكية ، حيث تم تعيين مبعوثين لدول الأزمات بمجال حركة ‏سياسية محدودة مع محاولة لحث الشركاء الاوروبيين على الانخراط في إدارة الأزمات كما في ليبيا وسوريا.

بينما تم وقف الدعم الأمريكي للهجمات العسكرية في اليمن وهو الأمر الذي يأتي في اطار اعادة تموضع ‏علاقات أمريكا مع السعودية. لكن لا وجود لحلول جذرية أو مبادرات فاعلة أي إدارة للواقع وليس تغييره. . ‏عموما من المتوقع أن عام بايدن في السياسة الخارجية نحو الشرق الأوسط في المجمل سيطبع شكل اعوامه ‏الثلاثة الباقية : أقوال هادئة وخطابات انيقة والنتيجة لا تغيير فعلي. ‏‎ .. ‎