رادبو اورنيت-في الثاني من تشرين الثاني نوفمبر 1917، صدر الوعد البريطاني الشهير بمنح اليهود وطناً قومياً في فلسطين ؛ حمل الوعد توقيع وزير الخارجية في ذلك الوقت آرثر بلفور.
كان بلفور من المؤمنين بأن التاريخ ليس سوى اداة لتنفيذ الهدف الالهي. وان الانسان مكلف بالعمل على تنفيذ هذا الهدف وان اول ما يتطلبه منه ذلك، الايمان اولاً بأن ثمة هدفاً إلهياً، وثانياً بإمكانية تحقيق هذا الهدف اياً تكن الصعوبات.
يقال، عندما صاغ بلفور الوعد بمنح اليهود وطناً في فلسطين، كان يعتقد انه بذلك يحقق ارادة الله، وانه يوفر الشروط المسبقة للعودة الثانية للمسيح وبالتالي، فانه من خلال مساعدة اليهود على العودة فانه يؤدي وظيفة العامل على تحقيق هدف إلهي.
مع ذلك لم يكن بلفور قادراً على ان يجعل من الوعد اساساً مركزياً في السياسة البريطانية لو لم يكن يشاركه في ذلك شخص آخر هو لويد جورج رئيس الحكومة في ذلك الوقت.
وهكذا عندما تشكلت الحكومة البريطانية من لويد جورج رئيساً ومن ارثر بلفور وزيراً للخارجية، بدا وكأن كل شيء بات مؤهلاً لتمرير بيان الوعد الذي اعتبر جزءاً من الانتداب البريطاني على فلسطين.
بعد الحرب العالمية الثانية وما رافقها من مجازر نازية، اتسع نطاق الهجرة اليهودية من اوروبا الغربية هذه المرة الى فلسطين، وتحوّل الوعد بوطن قومي لليهود الى دولة سرعان ما تنافست على الاعتراف بها كل من موسكو وواشنطن ومن ثم منظمة الامم المتحدة في عام 1948.
الان وبعد مرور 100 عاماً على صدور وعد بلفور وقيام الكيان الصهيوني، تجري عملية تهويد فلسطين ، أي تحويلها الى دولة دينية يهودية لا تقبل بوجود أي عربي، مسلماً كان أو مسيحياً، كما أشار الى ذلك وزير خارجيتها ليبرمان أمام الأمم المتحدة.

وفي ذلك تأكيد جديد على أن الاسباب الموجبة لصدور الوعد ولاعلان الدولة مستمرة في ابتزاز الغرب وفي توظف تاريخه الحافل بممارسة اللاسامية أساساً لحماية التوسع الصهيوني وللتهويد معاً. وكأن العالم العربي هو مجرد حديقة خلفية او صندوق احتياط يستخدمه الغرب لاسترضاء الصهيونية وليطهر ذاكرته التاريخية.
وبالنتيجة، فان الغرب يعطي مما لا يملك الى من لا يستحق. وان الصهاينة يتزلّفون الى من اضطهدهم وأساء اليهم، ويعاقبون من أحسن اليهم على مدى التاريخ.