تاريخ النشر: 2017-02-28 07:38:04

الخنجر الصدئ

الخنجر الصدئ
كتب : د عدوان عدوان
محاولة الحط من فوز يعقوب شاهين متوقعة ، فقد صرفت الملايين والمليارات على ثقافة الموت والرعب وعدم التسامح وتفتيت الأوطان ، وعمل أتباع هؤلاء ليل نهار
لأجل نشر الكراهية بين المسلمين والمسيحيين والشيعة والسنة ، حاولوا الاستخفاف بالفن مع أن العدو الإسرائيلي يضع الفن على رأس أولوياته ، عادوا%d9%8a%d8%b9%d9%82%d9%88%d8%a8%d8%a8 الإبداع
والمبدعين مع أن العدو الإسرائيلي ، وأهل ديار الكفر كما يسمونهم يحتفلون بالإبداع ؛ لأنه مكسب عظيم من
مكاسبهم ، فقد طافت فرقة رقص إسرائيلية استوحت دبكتها من موسم الحصاد الفلسطيني العالم لخمس عشرة
سنة – طافت تلمّ الأموال وتبشر بدولة إسرائيل ، ونحن نيام هادئون لا نستغيث ولا نغاث.
فوز يعقوب وزميله دندن يبشر بالشعب الفلسطيني القادم الشعب الذي احتفل في بضع سنين بعدد كبير من الجوائز
من العلم إلى الأدب والفن في إشارة واضحة على أن هذا الشعب حي يرزق وله مكان تحت الشمس مع أن الغريب والقريب تحالف عليه ، وعمل على أن يكون مثيلا للهنود الحمر .
فلسطين الليلة لم تحتفل بيعقوب رغم الابتهاجات في مدنها – بل احتفلت بنفسها ؛ لأنها خرجت من مصحة الجنون العربية سالمة ، فتفقدت نفسها وإذا جوارحها
سالمة من كبدها إلى قلبها ، وكل طوائفها متلاحمة لا فرق بين فلسطيني وفلسطيني بالطائفة، فالكل فلسطيني أولا ولا حلقة تنتصر على حلقة الوطن التي قدمت
على حلقات أخرى في ظل مجتمعات عربية مجاورة انقلبت على نفسها ونحرت نفسها بخنجر صدئ خبئ من أعماق التاريخ جاء وقته فلمع وسنّ بمسن الحقد
والكراهية وأعمل عمله في رئة الأهل والعباد.
الشعوب تتحرك كما يتحرك الفرد ، فالفرد عندما يستشعر الخطر الدامي المميت يحرك مدافعا عن نفسه بغريزة الدفاع التلقائي أدواته وحواسه واستشعاراته ،
فالابتهاج والفن والغناء هي أدوات هذا الشعب في الدفاع عن نفسه ضد ثقافة الموت ، ولو انتصرت ثقافة الموت وشحنت الطائفية التي أريد لها أن تكون لدق آخر
مسمار في نعش القضية الفلسطينية ، وفعل بنا ما لم تفعله الصهيونية ، وما لم يخطر على بال قابيل. لا غرابة إذا أن يشن أصحاب الفكر الظلامي ومن لف لفهم ممن
يسيرون على غير هداة هجوما عنيفا على الفن ومريديه ، وآن لهم أن ينزعجوا فكيف لشعب أعدّ للانتحار أن يحتفل بالغناء ؟! لقد أرادوا لهذا الشعب أن يموت مجانا ،
وأن يحمل لواء الظلام ؛ فإذا به يقلب معادلتهم ، ويعيد عقارب الوقت إلى طبيعتها التلقائية القائمة على الابتهاج وحب الحياة ،الاحتفال بمواسم الأرض والزرع والحصاد
وما يواكبها من غناء ، فالأرض التي لا يغنى لها تقحل وتموت وتضحي خرابا يبابا ، فطوبى لمن يؤمنون أن على هذه الأرض ما يستحق الابتهاج فيبتهجون ويبشرون
بمستقبل خصب واعد لأبنائهم .
طوبى لمن يكونون حيث الموسيقى تكون ؛ لأن الأشرار بطبعهم لا يغنون.