شبكة وتر-في الأول من شهر تشرين أول/ أكتوبر عام 1984، كانت مدينة حمام الشط التونسية على موعد مع مجزرة إسرائيلية، استهدفت اغتيال قيادة الثورة الفلسطينية المتواجدة في تونس آنذاك.
وفي تفاصيل ما حدث، علم الاحتلال عبر العملاء أن القيادة الفلسطينية على موعد مع اجتماع كبير ومهم في مربعها الأمني بحمام الشط جنوب العاصمة التونسية، عند الـ 09:30 من صباح يوم الثلاثاء الأول من أكتوبر 1985، فأعد عدته للهجوم على الاجتماع.
وشنّت طائرات الاحتلال يومها، غاراتها على المربع الأمني في ضاحية مدينة حمام الشط، ما أدى لاستشهاد 68 شهيدًا، منهم 50 فلسطينيًا، و18 تونسيا، بالإضافة لـ 100 جريح، وخسائر مادية قُدرت بـ 8.5 مليون دولار.
وكانت تحمل المدينة المستهدفة في جنباتها العديد من المقار التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ لا سيما مكتب الرئيس الراحل، ياسر عرفات، وبيته الخاص، ومقر الحرس الرئاسي، والإدارة العسكرية التي تحتفظ بأرشيف مقاتلي الثورة الفلسطينية، والإدارة المالية.
وذكرت المصادر الفلسطينية والتونسية، أن جميع المباني والمقرات التابعة لمنظمة التحرير "قد سوّيت بالأرض" خلال أقل من 10 دقائق بسبب الغارة الإسرائيلية.
واستهدفت الغارة، بشكل رئيسي الرئيس الراحل "أبو عمار"، والذي نجا بعد مغادرته المكان قبل القصف بنصف ساعة.
وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، ذكرت أن "عرفات" نجا من الاغتيال حينها بعد خروجه عن مسار الموكب الذي نقله من مطار قرطاج الدولي إلى مقر إقامته.
وفي الرواية أوردت المصادر الرسمية: "أن عناصر الموساد الإسرائيلي رصدوا موكب عرفات يتحرك نحو مقر قيادة المنظمة في حمام الشطّ".
وحينها "أمر ياسر عرفات سائقه بالخروج عن سرب السيارات الطويل، والانزواء يمينًا نحو مرسى النسيم، بينما واصل الموكب طريقه العاديّ نحو حمام الشطّ، ولم ينتبه عملاء الموساد لهذا التغيير المفاجئ".
خرج "عرفات" بعد الغارة مباشرة ومن فوق الدمار، أعلن للعالم عبر وكالات الأنباء والإذاعات والتلفزة أنه حي يرزق، في الوقت الذي كان فيه قادة الاحتلال فرحون بمقتله وعدد كبير من قادة منظمة التحرير، في عملية القصف التي أطلق عليها اسم "الساق الخشبية".
وفي شهادة مدير مكتب "وفا" في تونس طاهر الشيخ على تلك المرحلة، قال: "كان ضباط سلاح الجو الإسرائيلي بقيادة عاموس لابيدوت، يرافقهم عناصر الموساد بقيادة ناحوم أدموني، يستعدون للاحتفال بالمجزرة، حتى ظهر لهم أبو عمار فجأة متصدرًا الشاشات، واقفا على رُكام بيته المدمر، متوعدا إسرائيل بالرد القاسي".
وعُدت "مجزرة الشط" أكبر محاولة إسرائيلية لاغتيال قادة الثورة، وعلى رأسهم ياسر عرفات، وربما تكون الوحيدة خارج حدود لبنان التي يحاول فيها الاحتلال القضاء على قادة فلسطينيين بالقصف بالطائرات الحربية.