ابدى قاضي المحكمة العليا، ميني مزوز، امس، انتقاده لإقحام "الموضوع الأمني" كمبرر للتغذية القسرية للأسرى الفلسطينيين، وذلك خلال النقاش الذي أجرته المحكمة حول الالتماسات التي تم تقيدمها ضد تعديل انظمة سلطة السجون التي تسمح بتغذية الاسرى المضربين عن الطعام قسرا، بتصديق من المحكمة، والتي يمكنها ان تأخذ في الاعتبار المخاطر الأمنية التي يسببها الاضراب.
وكتبت "هآرتس" ان التعديل القانوني الذي صودق عليه في تموز 2015، يحدد بأنه يمكن لقاضي المحكمة المركزية او نائبه السماح بالعلاج القسري لأسير مضرب عن الطعام اذا اقتنعوا بان عدم تقديم العلاج من شأنه ان يسبب خلال فترة قصيرة، الخطر على حياة الأسير او العجز الخطير، وان العلاج يصب في مصلحته.
وكانت نقابة الاطباء وجمعية اطباء لحقوق الانسان، ومركز ميزان لحقوق الانسان قد التمسوا الى المحكمة فور المصادقة على التعديل القانوني. وخلال النقاش امس طلبت المحكمة من الدولة تقديم توضيحات حول البند المشمول في التعديل القانوني والذي يحدد المصادقة على العلاج القسري من قبل المحكمة.
يشار الى انه قبل المصادقة على التعديل كان قانون حقوق المريض يشترط تقديم العلاج القسري بموافقة لجنة الاخلاق المهنية. وحسب قانون حقوق المريض يجب على لجنة الاخلاق المهنية سماع رأي المضرب عن الطعام قبل اصدار قرارها، والتأكد من تسليمه المعلومات التي تسمح باتخاذ قراره بناء على معرفته بأن من شأن العلاج تحسين حالته، وانه من المتوقع ان يوافق عليه بعد تقديمه له. لكن الشرط الاخير المتعلق بموافقة المعتقل لاحقا خلق مصاعب في حالات الاسرى المضربين عن الطعام الذي يستخدمون عن سابق معرفة حالتهم الصحية من اجل الاحتجاج.
وتساءل القاضي ميني مزوز خلال النقاش عما اذا كانت هناك حاجة الى التطرق المفصل الى المعايير الامنية التي يشملها البند، وقال ان حقيقة وجود آلية قانونية تسمح بالتغذية القسرية على أساس رأي قاض في الحالات التي لا تستطيع فيها لجنة الاخلاق المهنية او غير معنية بحسم الموضوع، توفر ردا على المسألة الأمنية. وطلب مزوز التركيز على اهمية المعيار الأمني وسأل ممثل الكنيست المحامي غور بلي عن وضع تكون فيه حالة معتقلين الصحية متشابهة تماما، لكن احدهما يضرب عن الطعام لأسباب شخصية، ولا يوجد خطر بأن يؤدي اضرابه الى ابعاد اجتماعية واسعة، بينما الاسير الثاني يضرب لأسباب ايديولوجية ويسود التخوف من ان يؤدي موته الى ردود فعل خارجية. وسأل مزوز: "حسب وجهة نظركم، هل يمكن للمحكمة في هذه الحالة ان تقرر عدم فرض العلاج على الاسير الاول وفرضه على الثاني؟" ورد المحامي بلي: "الجواب هو نعم.. سيتم الفصل بين الاول والثاني، لأنه اذا اضرب الثاني عن الطعام ستحدث انتفاضة اخرى. لكن من المهم التأكيد ان ما يوجهنا هو الرغبة بإنقاذ حياته".
وقال المحامي تمير بلانك الذي يمثل جمعية اطباء لحقوق الانسان ان اخذ المعيار الأمني في الاعتبار سيحول التغذية القسرية الى تعذيب. وادعت المحامية ارنا لين، ممثلة نقابة الاطباء انه يجب شطب هذا البند "لأن الادعاء الأمني يوفر الناقص دائما. حين يسود الشك بما اذا كانت هناك حاجة الى علاج قسري – نجد المعيار الأمني". وقالت ان التعديل القانوني يتعارض مع الاخلاق المهنية للأطباء، والاطباء الذين ينفذون ذلك لا يمكنهم ان يكونوا اعضاء في نقابة الاطباء.
ورفضت ممثلة الدولة المحامية عرين صفدي عتيلي الادعاءات وقالت ان المعيار الأمني هو جزء فقط من مجمل المعايير. وفي ختام الجلسة صادقت المحكمة على طلب الدولة عرض وجهة نظر بشأن شروط تفعيل البند، بحضور جانب واحد فقط، اي الدولة، لان الوثيقة اعدها جهاز الشاباك.