الأحد 19، مايو 2024
20º
منذ 9 سنوات

لماذا لقبت الخليل بـ"المدينة التي لا يجوع فيها أحد"؟

لماذا لقبت الخليل بـ
حجم الخط
شبكة وتر- عبر عقود طويلة، ما زالت مقولة "المدينة التي لا يجوع فيها أحد" تردد نفسها على أرض الواقع بين أرجاء محافظة الخليل ومحافظات الوطن، باستمرار عمل التكية الابراهيمية التي تقدم (الشوربة) واللحوم وغيرها من الأطعمة للفقراء والمحتاجين وغيرهم. قال مدير التكية الابراهيمية محمد جمال سلهب إن "التكية الإبراهيمية في مدينة خليل الرحمن تمثل معلما حضاريا وتاريخيا، جذورها تضرب عبر التاريخ منذ مئات السنين، فهي على سنة جد الأنبياء إبراهيم عليه السلام (أبو الضيفان)، الذي كان مشهورا بإكرام الضيف، فالخليل تؤدي رسالة وواجبا إنسانيا رغم كل الضيق من الاحتلال". التكية الابراهيمية تقدم وجبات تقليدية تراثية، من أهمها الشوربة" الجريشة"، تقدم بواقع خمس أيام بالأسبوع، والوجبات الساخنة المكونة من اللحوم والدجاج يومي الاثنين والجمعة، علما أن التكية تعمل على مدار أيام السنة إلا يومي عيد الفطر والأضحى. بيّن سلهب ، أن التكية التي تعود لزمن صلاح الدين الأيوبي :"يوميا لدينا في رمضان ما بين (500 كيلو الى 1200 كيلو) من اللحوم والدجاج، تطهى مع المرق أو اللبن وتقدم للمواطنين. وفي أيام أخرى نقدم خبز وأرز وغيرها من المواد التموينية حتى يتسنى للعائلات الاستفادة منها متى شاءت". واستطرد سلهب: "في الايام الاعتيادية يأتي للتكية ما بين (1000 الى 2000 وافد) ويزيد ذلك يوم الجمعة حيث يصل الى (3 آلاف) . أما في رمضان فيصل العدد يوميا ما بين (3 آلاف الى 5 آلاف). وذكر سلهب أن التكية في عهد صلاح الدين الأيوبي كانت تطعم كل جيش المسلمين، حيث كان بجوار الحرم الابراهيمي، مخبزا ومطحنة خاصة تنتج يوميا من ( 15 الى 16 ألف رغيف)، وكانت تقدم لجيش الفتح، وفيما بعد أصبحت للفقراء والمساكين. التكية الابراهيمية لا يقصدها الفقراء والمحتاجين فقط، بل يأتيها الكثير من أبناء محافظة الخليل والمحافظات الأخرى، خاصة لتذوق (الشوربة)، التي يؤكد الكثير أنهم رغم محاولاتهم الكثيرة طهيها في بيوتهم لا تكون بنفس اللذة التي تنتجها التكية. أرجع عمار الخطيب موظف التكية الابراهيمية منذ (24 عاما)، سرّ لذة ونكهة الشوربة الى اسم سيدنا ابراهيم عليه السلام، لأنه أبو الكرم، فلذلك الكريم دائما طعامه لذيذ، ومن أسرارها موضوع الجريشة، فنحن لا نطبخ برغل ولا فريكة، وإنما جريشة "قمح مجروش". كما أن من أسرار الشوربة حسب الخطيب "من يريد أن يضع عليها سكر، لا يجد لها طعما ونكهة إلا بالملح". وقال الخطيب أن هناك عائلات فقيرة تعتمد بشكل كامل على طعام التكية، مبينا أن الأعداد المتوافدة والمتزايدة على التكية بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور الذي يعيشه المواطن. وأوضح المواطن سامي النتشة أنه عاصر التكية الابراهيمية قبل وجود الاحتلال منذ أن كانت في مبناها القديم، مبينا: "كان هناك عائلات يعتمدون عليها بشكل كامل، فأهل البلد يتبرعون لها بكل شيء، فطعامها شهي جدا، لأنه من بركة سيدنا ابراهيم". وختم النتشة حديثه: "المميز بها أن الطعام يطبخ ويقدم بنفس طيبة، وأنا أفضل الفاصولياء مع اللحمة والشوربة، وفي كل العالم لا يمكن أن يطهوها أحد بنفس اللذة والنكهة". الجدير بالذكر أن التكية الابراهيمية وارداتها تأتي من التجار والمحسنين، كما أن هناك بعض المؤسسات والبلديات تقدم ميزانيات ثابتة لها كل عام، وغيرها من مصادر الخير، علما أنها تشغّل ثمان موظفين بالإضافة لاستعانتهم بستة آخرين خلال شهر رمضان.