الجمعة 17، مايو 2024
10º
منذ 8 سنوات

ماذا فعل منفذو عملية "زيكيم" خلال 4 ساعات ؟

ماذا فعل منفذو عملية
حجم الخط
شبكة وتر- بعد أن وصفت بأنها حدث غير مسبوق في تاريخ الصراع، فإن ما تمخض من أسرار عملية اقتحام كوماندوز بحري لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة "حماس" لقاعدة "زكيم" العسكرية الإسرائيلية يُعد يسيرا جدا. غير أن ثمة إجماع بأن ما كشف من معطيات عن سير العملية بما في ذلك توقيت تنفيذها ومضمونها الجريء يجعلها واحدة من أبرز عمليات المقاومة وما يمكن أن يعززه إزاحة الستار عن مزيد المعلومات مستقبلا. وكان أربعة من عناصر "الكوماندوز" البحري لكتائب القسام تسللوا بحرا من قطاع غزة إلى موقع وقاعدة "زكيم" في اليوم الثاني من بدء العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع صيف عام 2014. ونجح المقاومون الأربعة في التسلل إلى البحر المكشوف والغوص في أعماقه رغم مرابطة الزوارق الحربية الإسرائيلية قبالة سواحل القطاع ووجود سياج نصبه الاحتلال في مياه البحر بين القطاع والكيان لمنع عمليات التسلل. كما أن المقاومين الأربعة اجتازوا مجسمات المراقبة التي كان الاحتلال أعلن نصبها قبل العدوان على قطاع غزة بعدة أشهر لكشف محاولات التسلل منه بحرا. وعلى الرغم من إجراءات الاحتلال المشددة فإن عملية التسلل إلى "زكيم" شكلت سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ عمليات المقاومة وأصابت بتوقيتها المبكر بالنسبة لبدء العدوان على غزة قادة الاحتلال بالمفاجأة. تفاصيل العملية أعلن لاحقا عن هويات منفذي عملية التسلل البحرية وهم بشار أحمد (لواء شمال قطاع غزة)، وطلال الحلو (لواء غزة الجنوبي)، ومحمد أبو دية (لواء غزة الشمالي)، وحسن الهندي (لواء خانيونس). وتظهر ما جمعته "صفا" من معطيات ومصادر ترجمة للإعلام الإسرائيلي، أن منفذي العملية وصلوا القاعدة عند ساعات العصر يمتشقون بنادق آلية من طراز "كلاشنكوف" وقنابل يدوية وعبوات لاصقة. ويلاحظ أن المهاجمين الأربعة انقسموا إلى مجموعتين في عملية التسلل واشتبكت الأولى فور وصولها مع جنود الاحتلال في القاعدة فيما انضمت المجموعة الثانية لها بعد نحو 45 دقيقة. وصدر أول إعلان إسرائيلي عن العملية نحو الساعة 7:00 قبل المغرب وتضمن أن مسلحين تسللوا إلى قاعدة عسكرية وخاضوا اشتباكات مع الجنود وجهًا لوجه قبل أن يتمكن الجيش من قتلهم. ولاحقا كشف ضابط إسرائيلي بعد أشهر أنه تلقى اتصالا بالتوجه للمنطقة للتصدي للمقاومين الساعة 4:00 عصرًا (أي قبل بثلاث ساعات من موعد الإعلان) وهو ما يظهر أن الاشتباكات استمرت لساعات. وبينما أعلن جيش الاحتلال عن قتل المهاجمين الأربعة فإن كتائب القسام أكدت بعد دقائق من ذلك وتحديدا عند الساعة 7:50 مساء أن الاشتباكات في إطار العملية ما تزال مستمرة. وجاء في تأكيد القسام أنه "حسب اتصال مع قائد المجموعة من أرض المعركة فإن المجموعة تمكنت من اقتحام الموقع وتقوم بمهمتها حسب المخطط وأن هناك خسائر كبيرة في صفوف العدو والمهمة مستمرة". ولم تقتصر العملية على المهاجمين الأربعة بحسب الصور والفيديوهات والاعترافات الإسرائيلية، إنما عمدت كتائب القسام للقيام ب"إسناد ناري" لهم عبر قصف موقع "زيكيم" بصواريخ "كاتيوشا" وقذائف الهاون. وأمام نجاح المهاجمين الأربعة وتأكيد القسام على ذلك سعى الاحتلال إلى تبديد الشكوك حول روايته ببث شريط فيديو قصير يظهر قتل المهاجمين الأربعة باستهدافهم بشكل مباشر على شاطئ البحر فور خروجهم من المياه. ويمكن ملاحظة مدى ارتباك الاحتلال بفعل العملية إعلانه بعد يومين من تنفيذها عن اشتباه بتسلل مقاومين إلى المنطقة ذاتها، إلى حد إعلانه عن قتل مقاوم وملاحقته آخر ثم تراجعه عن ذلك لعدم عثوره على جثث لأي مقاوم. وعزا جيش الاحتلال في حينها أن هذه المعركة المزعومة دارت في الظلام وربما اختلط على جنوده الأمر وشخصوا وجود مسلحين عن طريق الخطأ. ثلاث ساعات في مارس من العام الجاري كشف ضابط في وحدة "القطط الفولاذية" لجيش الاحتلال يدعى "عوز عزرا" أنه تلقى امرا بوقوع عملية التسلل والتوجه إلى المكان عند الساعة الـ4 من مساء ذلك اليوم، وأنه استغرق بعض الوقت حتى استوعب ما يجري. ويظهر هذا الاعتراف وجود فارق في التوقيت الذي أعلن فيه الاحتلال تصديه للمهاجمين والوقت الذي استدعى فيه قواته للتصدي لهم. وحسب عزرا فإن الجيش استخدم "بلدوزرين" من طراز "D9" بالغة التحصين في محاولة لصد المهاجمين الأربعة دون أن ينجح في ذلك. ويروى الضابط أنه اعتقد في البداية أنه سمع البلاغ بالخطأ (للتوجه إلى زيكيم) حتى أعيد مرة أخرى، فتأكد من صدقه وتوجه بعدها عبر جرافته وبرفقة جرافة أخرى صوب منطقة الشاطئ ولكنهم لم يعثروا على أحد في البداية. وجاء على لسانه "مررت بالقرب من شجيرات كبيرة ونظرت يسارًا ورأيتهم تحتها. كانوا أربعة، ولكنهم انتبهوا لوجودي أيضًا وألقوا القنابل اليدوية كالمطر على الجرافتين، وعندها قررت التراجع والابتعاد عن مدى نيرانهم". وأضاف أن ضابط آخر فتح باب الجرافة وتمكن من إطلاق طلقة واحدة باتجاه المقاتلين وإصابة أحدهم فيما تمكن الباقون من مغادرة المنطقة قبل أن تتمكن سفينة تابعة للبحرية الإسرائيلية من قتلهم فيما بعد. أحدهم أصيب رغم أن العملية التي ما تزال خيوطها غامضة، إلا أنه تتوالى تفاصيلها وكشف معلوماتها، إذ ذكر نائب قائد فصيل بوحدة الهندسة الإسرائيلية النقيب "سلمان حيحي" في 25 يونيو الماضي أن الاشتباك مع المقاومين الأربعة تسبب "بمقتل 3 وإصابة الرابع بجروح متوسطة"، دون الكشف عن مصير المصاب. وجاء هذا التصريح متناقضا مع رواية جيش الاحتلال الذي أعلن يوم العملية عن مقتل جميع المهاجمين فور خروجهم من مياه البحر. وقال حيحي إنه كان على متن إحدى الجرافات العسكرية عندما ألقى المقاتلون 3 قنابل يدوية على الجرافة عن مسافة مترين إلى ثلاثة أمتار، حيث كانوا بين الشجيرات قرب الجرافة ما تسبب بإصابته بجروح. وأضاف "أطلقت النار من الجرافة على المخرب الأول وقتلته بسلاحي الشخصي وبعدها قتل اثنان آخران وأصيب ثالث بجروح متوسطة بعد استهدافهم من قبل دبابة وجنود البحرية، وكذلك جنود مشاة من وحدة (جفعاتي) وبالمجمل فقد كان المنفذون أربعة". وبحسب ما أعلنه الجيش الإسرائيلي بداية العام الحالي فقد دفن بتاريخ 23 يوليو من العام الماضي جثث 18 فلسطينيا قضوا بالعدوان، في حين دفن شهيد آخر بداية شهر أكتوبر الماضي ولم يفصح عن هويته وظروف استشهاده. الفيديو المسرب تبعات العملية لم تكن بالهينة على الاحتلال والشكوك بشأن روايته، إذ نشر بعد أشهر عديدة من انتهاء الحرب تسجيل فيديو قصير يظهر مهاجمة مجموعة "الكوماندوز" البحري لدبابة إسرائيلية حضرت للمكان. وأظهر الفيديو الذي أقر الاحتلال بعد ذلك بصحته قيام أحد المهاجمين بوضع عبوة ناسفة لاصقة على الباب الخلفي لها وتفجيرها بالإضافة لعمليات ملاحقة موسعة. وأجبر الفيديو رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال في حينه "بيني غانتس" لتشكيل لجنة تحقيق في كيفية تسريب الفيديو الذي وصف ب"السري" كونه أعد كجزء من تحقيقات الجيش في العملية. تأخر كشف المهاجمين وبالعودة إلى العملية تظهر نتائج تحقيقات جيش الاحتلال- وفق ما نقل موقع "والا" العبري في مايو الماضي- أن اكتشاف اثنين من المنفذين تأخر قرابة 20 دقيقة ولم تستطع كاميرات المراقبة رصدهم فيما رصدت المنفذين الآخرين وعندها تم إعلام الجيش في المنطقة بالأمر. وأشارت التحقيقات إلى تأخر تعامل الجيش مع العملية، وأنه كان هنالك صعوبات في تبادل المعلومات حول العملية ما دفع بالدبابة (التي وضع مقاتلو القسام عبوة على بابها الخلفي) للدخول لمنطقة يتواجد فيها المنفذين. ووفق موقع "والا" فقد "بينت التحقيقات أنه كان بإمكان أحد المنفذين وهو الأول الدخول إلى عمق كيبوتس (زيكيم) أو لقاعدة سلاح البحرية القريبة والقيام بعملية داخلها". القسام يخرج عن صمته في الذكرى السنوية الأولى للعدوان على غزة كشفت كتائب القسام عن تفاصيل تنشر لأول مرة بشأن عملية "زيكيم" ووصفتها بأنها "إحدى أبرز المفاجآت وأقوى الضربات التي تلقاها العدو". ونشرت الكتائب على موقعها الإليكتروني، أن قيادة القسام وضعت اللمسات الأخيرة لتنفيذ عملية نوعية باتجاه مواقع العدو على الساحل، وكانت الفكرة مهاجمة موقع "زيكيم"، والهدف منها هو تشكيل هجوم نوعي بأسلوبٍ جديدٍ باتجاه الساحل، واستهدفت العملية القاعدة البحرية المتواجدة على الساحل مقابل القاعدة. وذكرت أن عناصر المجموعة المشاركة تلقوا تدريبات طويلةً وشاقةً جداً، لتنفيذ عمليات تسلل واجتياز مسافاتٍ طويلة في البحر للتمكن من الوصول إلى عمق العدو، موضحة أنه كان لتلك الاستعدادات أثرٌ واضحٌ في نجاح العملية والوصول لأرض العدو. ونبهت الكتائب إلى أن العملية بدأت بمرحلتين تمثلت الأولى بتنفيذ عملية استطلاع وجمع المعلومات عن الموقع المستهدف، بحيث نجح أحد عناصر وحدة "الكوماندوز" البحري وبمفرده من تنفيذ مهمة استطلاع "داخل أرض العدو" واستطلاع موقع القيادة والسيطرة على ساحل "زيكيم" قبل تنفيذ العملية. ولم تكشف الكتائب إن كان هذا الأمر تم في اليوم الأول للحرب، ثم نفذت العملية في اليوم التالي أم قبل ذلك، لكنها أكدت أن عنصر الاستطلاع عاد إلى قواعده بسلام. وذكرت أن المرحلة الثانية للعملية تمثلت باجتياز المنفذين مسافة طويلة من السباحة والغطس وقطع الحدود حيث انقسموا إلى قسمين انتقلت الأولى منها إلى شاطئ العدو وتقدمت باتجاه موقع القيادة والسيطرة البحرية والاشتباك داخل الموقع وحققت إصابات في الجنود. وبينت أنه بعد 45 دقيقة وصلت المجموعة الثانية، فالتقت المجموعتان في قاعدة القيادة والسيطرة، ومن ثم اتصل المهاجمون مع القيادة الميدانية للكتائب لإعلامهم أنهم في داخل الموقع، ثم شرعت المجموعتان بتطوير الهجوم باتجاه قاعدة "زيكيم" والاشتباك مع العدو بشكل مباشر. ونبهت كتائب القسام إلى أن "زيكيم" لها ما بعدها، مشددة على أن "وصول المجاهدين إلى شواطئ عسقلان عبر البحر كان معناه أنهم قادرون على الوصول إلى أي مكان في فلسطين المحتلة في أي وقت". غانتس يصف منفذيها ب"الشجعان" في تصريح هو الأول من نوعه، امتدح رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال في حينه "بيني غانتس" في ديسمبر 2014 مقاتلي كتائب القسام واصفا إياهم ب"الشجعان". وقال غانتس خلال حديثه مع ضباط استضافهم في مقر وزارة الجيش ب"تل أبيب" بعد 3 أشهر من العدوان على غزة إنه "يجب قول الحقيقة فقد واجهنا مقاتلين شجعان". ونقلت القناة العبرية الثانية عن غانتس خلال الحديث القول إن مقاتلي حماس "يتدربون أيضًا، ويجب أن نقول الحقيقة فقد قاتلنا أناساً شجعان، من يركض خلف دبابة ويحاول وضع عبوة عليها فهذا فعل أناس شجعان"، في إشارة إلى وضع أحد منفذي عملية "زيكيم" عبوة على الدبابة. عوائق أرضية ودفعت عملية "زيكيم" جيش الاحتلال في ديسمبر الماضي لإقامة عوائق أرضية على الحدود البحرية بين شمالي قطاع غزة وكيبوتس "زيكيم" للتحذير من تسلل غواصة إلى السواحل. وأوردت القناة الثانية الإسرائيلية في حينه أن معدات هندسية ضخمة قامت على تشييد عوائق داخل البحر وعلى طول عدة مئات من الأمتار وتشمل مجسات ومحطات إنذار مبكر للتحذير من وصول غواصين إلى تلك السواحل. مجندات محاولات جيش الاحتلال رفع الروح المعنوية لجنوده بسبب عملية "زيكيم" ارتدت سلبًا، ففي يناير الماضي شهد الجيش موجة انتقادات حادة بعد السابقة الأولى من نوعها لمنحه مجندتين وسام التقدير والتميز بسبب "عدم فقدانهن لأعصابهن" خلال عملهن في وحدة مراقبة الكاميرات حول قطاع غزة الأولى في "زيكيم" شمال القطاع والثانية في كيبوتس "صوفا" جنوبي القطاع. ومنح الجيش المجندة نوعا تايتل وسام التقدير بعد أن شخصت دخول مقاتلين من وحدة "الكوماندوز" البحري على ساحل كيبوتس "زيكيم" دون أن تفقد أعصابها وواصلت عملها واستدعت قائدها، بحسب ما جاء في كتاب التقدير. ضرب السياحة شاطئ "زيكيم" الذهبي لم يشفع لأصحاب مطاعمه بعد العملية، فقد كشفت صحيفة "معاريف" العبرية في أبريل 2015 عن امتناع الإسرائيليين بعد الحرب على غزة من الاستجمام على شاطئ كيبوتس "زيكيم" في إطار التأثيرات النفسية لعملية الكوماندوز البحري، مشيرة إلى انخفاض معدل الاستجمام لنحو 90%. ونقلت الصحيفة شهادات عن حالات الرعب والهوس من سكان المنطقة تدلل على خوفهم من مجرد الذهاب إلى ذلك الشاطئ مع تذكر مشاهد دخول مقاتلي القسام لذلك الشاطئ والتي بثها الجيش الإسرائيلي في حينها وكان يقصد رفع معنويات السكان ولكن وعلى ما يبدو فقد "انقلب السحر على الساحر".