نوافير الدم وفواتير السياسة
شبكة وتر-
يُقال إنّ السياسة هي الوجه الآخر للحرب، فما يُمارسه نتنياهو في غُرف المفاوضات من ألاعيب يعيدها إلى نقطة الصفر، كما لو أنها تبدأ من جديد. فهو لا يُقيم أدنى اعتبارٍ لاحتجاجات عائلات المحتجزين المحتجّين في شوارع تل أبيب، أو لمحاولة بلينكن العاشرة لترويض الذئب المنفلت مدفوعاً بنوازع الانتقام التي ما زالت تستبدّ به، ويُترجمها قتلاً وترويعاً وتجويعاً بحق مئات آلاف النازحين الذين ضاقت بهم الأرض، وباتوا يَهيمون على وجوههم في الشوارع والطرقات.
يحاول الذئب أن يُحقق بالمفاوضات ما عجز عن تحقيقه بالطائرات والدبابات، وهو ما يتبدى في المراوغات والاستدراكات، للتحايل على ما أنُجز من توافُقاتٍ تتعلق بأسماء الأسرى المطلوب الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية، مقابل أعدادٍ متفقٍ عليها من المحتجزين لدى حماس، أو ما يتعلق بالتنقل من الجنوب إلى الشمال، ومعضلة محور فيلادلفيا، الذي يحاولُ نتنياهو تكريسَ وجوده فيه كسلطة احتلال، بذرائع يعرف الوسطاءُ هشاشتها وتهافُت مبرراتها.
في حمأة حالة الانتقام التي تتملك الذئبَ الجريح، لـِما أصاب قوة الردع، وهيبة الدولة القوية في السابع من أكتوبر، يواصل نتنياهو تدفيع الأطفال والنساء والشيوخ في غزة فاتورة الدم، ليجني ما يعتقد أنه قادرٌ على فرضه على طاولة المفاوضات.
فبين نافورة الدم وفاتورة السياسة يُطحَن الناسُ في غزة، وتجري دماؤهم غزيرةً كل يومٍ في الطرقات، وتسيلُ أرواحُهم تحت الأنقاض، في سياق الضغوطات لتحصيل السعر الذي يرشو به نتنياهو شركاءه في الجريمة، ليضمن بقاءه في الحكم أطول فترةٍ ممكنة، وهو سعرٌ لن يحصل عليه طالما أنه يتوعد باستئناف العدوان فور الانتهاء من تسلّم المحتجزين، فهذا ما لا تقبل به حماس، وتشترط الحصول على ضمانات الوسطاء لمنع حدوثه.
ويظل "اليومُ التالي" عقدةَ العُقَد، في ضوء إصرار نتنياهو على البقاء في القطاع كسلطة احتلال، وهو ما يعني عدم توقف القتال.