السبت 27، إبريل 2024
18º
منذ 3 سنوات
واقع الحياة في جائحة كورونا داخل المخيم

كورونا في المخيم : تباعد اجتماعي شبه مستحيل

كورونا في المخيم :  تباعد اجتماعي شبه مستحيل
حجم الخط

شبكة وتر-إخلاص أبوزر - أن تسكن في المخيم يعني أن تعطس في بيتك ويرد عليك جارك " يرحمكم الله " ، أن تسكن مع عائلتك المكونة على الأقل من ستة أشخاص في منزل يحوي ثلاثة غرف بالإضافة للمطبخ والحمام يعني انعدام الخصوصية لك ولهم. أن تكون أحد سكان المخيم في عصر الكورونا يعني انك معرض للإصابة في حال تم تسجيل أي إصابة في المخيم .

مخيم الدهيشة الذي يقع جنوب مدينة بيت لحم وتبلغ مساحته نصف كيلو متر مربع وعدد سكانه سبعة عشرة ألف وخمسمئة نسمة. و كغيره من المخيمات يعاني من الاكتظاظ السكاني نتيجة البناء بطريقة عمودية وبذلك تكون أولى إجراءات السلامة فيه – التباعد الاجتماعي – و التي تكاد تكون منعدمة. في نيسان الماضي تم تسجيل ثاني إصابة بفيروس كورونا في مخيم الدهيشة لممرض يعمل في مستشفى المطلع. ولحسن حظ المواطنين هناك، لم يتم نقل العدوى لأحد. لكن في تموز الجاري ومع تجدد الموجة الثانية لانتشار الفيروس سجل المخيم تسع وستين إصابة بالفيروس .

تقسيم المخيم إلى مربعات 

يقول عامر ضراغمة رئيس لجنة الطوارئ في  المخيم : " نحن في لجنة الطوارئ نبذل قصارى جهدنا ليبقى المخيم في حالة سليمة وذلك من خلال الإجراءات التي يتم اتخاذها في المخيم. لقد قمنا بتقسيم المخيم إلى تسع مربعات بسبب مساحته الكبيرة والاكتظاظ السكاني فيه. في كل مربع هناك لجان تتمثل وظيفتها في متابعة الأوضاع اللوجستية والاحتياجات اليومية للمواطنين المحجورين " .

أما بالنسبة للعوائق التي تواجهها لجان الطوارئ داخل المخيم فأكد ضراغمة : " هناك العديد من العوائق أهمها تلاصق البيوت في المخيم وبالتالي عدم وجود مساحة للاطفال تحديداً وذويهم لتفريغ طاقاتهم ، كما أن البيوت مساحتها صغيرة وبالتالي نفتقر إلى ظروف الحجر المنزلي الصحي بالإضافة إلى أننا لا نستطيع إغلاق المخيم إغلاقاً تاماً بسبب احتياجاته الكبيرة. لذا نعتقد انه من الممكن أن تتعقد الأمور أكثر" .

اللحام : لم أعلم مصدر إصابتي 

بالنسبة لفؤاد اللحام وهو من سكان المخيم ومصاب بفيروس كورونا فيقول " : مصدر الإصابة لي ولعائلتي مجهول حتى الآن ، كثير من الأحاديث تدور على أن الفيروس وجد طريقه إلينا بأحد أفراح العائلة وآخرون يقولون أنه وصلنا من بيت أجر لأحد الأشخاص ولكن حتى الآن لم نستطع نسبه لمناسبة ما،لأن الأمور اختلطت وتشعبت الخارطة الوبائية كما يقول المختصون  " .

وعن ظروف الحجر المنزلي يؤكد اللحام : " أنا أملك منزلاً واسعاً لذا تمكنت من توفير ظروف حجر منزلي مريحة لأهل بيتي. هذا من الجهة المادية لظروف الحجر أما بالنسبة للظروف المعنوية، فهذه تجربة فريدة أمر بها، وتجربة جديدة علينا كأسر فلسطينية. فأنت فجأة تصبح تنظر إلى كل محيطك على أنه مصدر تهديد وهو كذلك ينظر لك. وقد تنظر في مرحلة معينة إلى أفراد أسرتك على أنهم من الممكن أن يشكلوا لك مصدر تهديد. وبالتالي هذه الدوامة التي يجد الانسان نفسه فيها فجأة داخل الحجر تفرض حالة نفسية تحتاج الكثير من الصبر والوعي وسعة الصدر حتى تستطيع أن تستوعبها في بداية الأمر. فالحجر والوقاية تؤامان ملتصقان " .

أصعب الأوقات برفقة الأعراض 

وحول أعراض الإصابة بالفيروس يقول اللحام : " تعرضت بأول يومين لألم شديد جداً في الظهر والمفاصل وارتفاع بدرجة الحرارة بالإضافة إلى احتقان في الحلق حيث كانت تلك الليلة من أصعب الليالي التي عشتها لكن بعد عدة أيام استقرت حالتي الصحية ، ما أود قوله للآخرين هو عدم الاستخفاف بالفيروس واتخاذ إجراءات السلامة والتدابير الوقائية هي من أرخص الطرق وأقلها تكلفة لحماية أنفسكم وعائلاتكم من هذا الفيروس ."

شذى فضيلات إحدى سكان مخيم العروب في محافظة الخليل تقول حول اتخاذ إجراءات السلامة داخل المخيم  : " لا نخرج من المنزل ولا نختلط بأحد خاصة أن جيراننا مصابين بالفيروس ، يخرج واحد فقط من العائلة لتلبية احتياجاتنا ويتم تعقيمه عند الدخول والخروج من قِبلنا كما أن الكفوف والكمامات والمعقم أصبحت جزء لا يتجزأ من حياتنا " .

الكورونا مؤامرة 

لكن أم محمد وهي من سكان مخيم الدهيشة كان لها رأي آخر حول ما آلت إليه الأوضاع وتقول : " منذ ما يقارب الثلاثين عاماً وأنا أشرب القهوة مع جاراتي ولم ننقطع يوماً عن اللقاء الصباحي.  في آذار الماضي أخبرني أبنائي بأنه يتوجب عليّ أن أبقى في المنزل حتى لا أصاب بالفيروس إذ أنني أعاني من السكري والضغط ، لم أسمع لأبنائي لأنني ببساطة لا أؤمن بالتهويل حول هذا المرض بالإضافة إلا أنني لن أترك جاراتي يشربن القهوة دوني ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا " .

وما بين مصدق ومكذب بوجود الفيروس، نرى أن أهالي المخيم التزموا بالكمامات والقفازات والتعقيم بنسبة كبيرة وهذا ما أثبت حس المسؤولية لديهم ، كما أن هذه الأزمة زادت من التعاضد بين الأهالي وبالتالي أصبحت هناك مسؤولية مجتمعية بشكل أكبر لدى الناس .