منذ 9 سنوات
تونس.. عوامل البيئة الحاضنة للتشدد

حجم الخط
شبكة وتر-تشير الهجمات المستمرة التي تشهدها مناطق متفرقة من تونس وتفكيك الأجهزة الأمنية خليات إرهابية عدة، إلى وجود مجموعة من العوامل حولت البلاد إلى بيئة حاضنة للمتشددين والأفكار المتطرفة.
وتعلن القوات الأمنية التونسية، بشكل شبه يومي، عن توقيف متشددين يخططون لشن هجمات في الداخل، أو يهدفون إلى الانتقال إلى خارج البلاد للقتال إلى جانب الجماعات الإرهابية، لاسيما تنظيم داعش.
وبالتزامن مع حملات الاعتقالات وضبط الشبكات التي تسعى لتجنيد مقاتلين، تخوض القوات التونسية مواجهات مع المتشددين في مناطق أغلبها إما حدودية مع الجزائر، أو ليبيا التي تغرق بدروها في دوامة العنف.
ورغم الاستنفار الأمني فقد نجحت هذه الجماعات، ومعظمها ينتمي إلى داعش، في تنفيذ اعتداءات إرهابية في مواقع حيوية وضد أهداف حساسة، أبرزها هجمات سوسة ومتحف باردو واستهداف مركبة عسكرية.
ومنذ الإطاحة بزين العابدين بن علي عام 2011، تصاعد خطر الإرهاب، ليبلغ ذروته بعد عام 2012 واستمر الإرهابيون، إن تحت لواء "كتيبة عقبة بن نافع" المرتبطة بالقاعدة، أو ضمن صفوف داعش، في ضرب أهداف مدنية وعسكرية.
وقتل عشرات المدنيين وعشرات العسكريين في هجمات الإرهابيين، في حين أسفرت الحملات الأمنية، خلال العام الماضي فقط، عن تفكيك أكثر من 1300 خلية متشددة تعمل في التمويل والاستقطاب والتحريض.
ويؤكد الهجوم الأخير في بن قردان، الذي استهدف إقامة "إمارة لداعش"، على أن تونس باتت قبلة الإرهابيين بعد أن كانت خزان المتشددين، إذ أن مئات التونسيين انتقلوا في السنوات الماضية إلى ليبيا وسوريا والعراق للانضمام لداعش.
ويعتبر مراقبون أن مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والأمنية أوجدت في تونس بيئة حاضنة للإرهاب وبروز أفكار منحرفة تشجع على التشدد، أبرزها البطالة التي بلغ معدلها العام الماضي 15.3 في المئة.
وفي موازاة عامل البطالة الذي يدفع بعض الشباب العاطلين عن العمل إلى الالتحاق بالتنظيمات المتشددة، يبرز عامل الإحباط الناجم عن أن "ثورة الياسمين" لم تحقق، كما كان يأمل الشباب، أي تغيير حقيقي على الصعيد الاقتصادي خاصة.
وإلى جانب عاملي الفقر والبطالة، يعد القمع الذي مارسته الأجهزة الأمنية طيلة أكثر من 20 عاما تحت حكم زين العابدين بن علي، أحد أبرز الأسباب التي ساهمت في خلق "خلايا نائمة" تعمل تحت الأرض وجدت طريقها إلى السطح بعد الثورة.
كما يعزو مراقبون تزايد عدد الشباب التونسيين من الطبقات الفقيرة الراغبين في الانضمام إلى الجماعات المتشددة وتنبني أفكارا متطرفة، إلى النقمة على ما يعتبروه الانفتاح والتحرر في تونس، التي كانت تعد أبرز دول علمانية على الصعيد العربي.