منذ 9 سنوات
كتب : عز الدين الناطور
عتّالو الحجارة: ظهورٌ محنية تحت الشمس
حجم الخط
تخيل أنك قرأت يومًا طلب توظيف بالشروط التالية: «مطلوب عامل يستطيع رفع حجارة تزن 250 كغم كحدٍ أدنى، على أن يقوم بنقل 50 حجر منها يوميًا على الأقل إلى شاحنة ارتفاعها ثلاثة أمتار، وأن يعمل لعشر ساعات في منطقة صحراوية. ولا يلتزم صاحب العمل بتسجيله في التأمين الصحي أو الضمان الاجتماعي أو تعويضه أو علاجه في حال تعرض لأصابة عمل أو توفي خلال العمل. الراتب بحسب المجهود، لكنه في أحسن الأحوال لن يتجاوز 350 دينار شهريًا».
هذه وظيفة حقيقية، يمتهنها أشخاص حقيقون، بعضهم قارب الخمسين، في بيئة تعج بالانتهاكات الحقوقية.
على بعد نحو 220 كم جنوب عمّان، وفي عمق صحراء محافظة معان، تقع مجموعة من مقالع استخراج الحجر الجيري التي تستخدم في بناء واجهات المنازل. الوصول إلى تلك المنطقة دون سيارة دفع رباعي ودليل يعرف تلك الصحراء مهمة صعبة، إلا أنها رحلة تستحق العناء بالنسبة لأصحاب تلك المحاجر الذين يستخرجون أفضل أنواع الحجارة الجيرية وأغلاها ثمنًا في الأردن، بحسبهم ووفقًا لمهندسين مختصين. ورغم دخول المعدات الحديثة في عملية استخراج الحجارة، إلا أن جزءًا مهمًا من عملية نقل تلك الصخور الضخمة ما زال قائمًا على الجهد البشري.
«عِتالة الحجارة» هي مهنة قائمة على نقل الحجارة متوسطة الحجم من المحاجر إلى شاحنات تمهيدًا لنقلها إلى «الكسارات» حيث يتم تقطيعها قبل إرسالها إلى السوق. بدأت المهنة في سبعينيات القرن الماضي مع بداية استخراج حجر البناء في الأردن، وكان عمّالها حينها مزيجًا من المصريين والأردنيين الذين هجروها لاحقًا، وكانت منتشرة في معظم مناطق استخراج الحجارة كمنطقة الرويشد الحدودية مع العراق ومنطقة المشقّر القريبة من مادبا، إلا أنها انحصرت في النهاية في محافظة معان.
هذا النوع والحجم من الحجارة يطلبه أصحاب الكسارات ومناشير الحجر القديمة، لأن مناشيرهم لا تستطيع تقطيع الحجارة الكبيرة. ولخشيتهم من تعرض الحجارة للكسر أو التلف في حال نقلها بواسطة الجرافات أو الآليات الحديثة، يعمدون لنقلها يدويًا على ظهور «العتّالين»، في حين تُنقل الحجارة الكبيرة التي تقطع على المناشير الحديثة الكبيرة بالآليات والجرافات.
طلعت منصور، عامل مصري الجنسية، دخل الأردن عام 1993 بتصريح عمل إنشائي، وعن طريق مجموعة من أقربائه بدأ العمل «بالعتالة»، وهو من أقدم العاملين فيها حاليًا. يقول منصور «جيت على الأردن علشان أشتغل، وأوّل ما وصلت دلّوني قرايبي هنا على المحاجرـ ونصحوني أشتغل الشغلانة دي لأنه فيها فلوس أكثر شوية من أي شغل ثاني، لكنها أصعب من أي مهنة ثانية، ويمكن ما فيش أصعب منها».
«بدأت أشتغل بالعتالة وأنا عمري 20 سنة، كنت لسا طالع من الجيش، وعايز أشتغل وأأسس حالي»، يتابع منصور ابن السادسة والأربعين. «كنت أقول لحالي سنتين، ثلاثة، وحَ اتركها، لكن دلوقتي بقالي 23 سنة بشتغلها».
عند سؤاله عن السبب وراء عدم تركه للمهنة يقول «مفيش مادة، مفيش فلوس، أنا عندي دلوقتي ثلاث عيال أكبرهم عمره 17 سنة، ولازم أعيّشهم وأدرّسهم، وأنا معرفش أشتغل شغلانة ثانية غير دي».
«عِتالة الحجارة» هي مهنة قائمة على نقل الحجارة متوسطة الحجم من المحاجر إلى شاحنات تمهيدًا لنقلها إلى «الكسارات» حيث يتم تقطيعها قبل إرسالها إلى السوق. بدأت المهنة في سبعينيات القرن الماضي مع بداية استخراج حجر البناء في الأردن، وكان عمّالها حينها مزيجًا من المصريين والأردنيين الذين هجروها لاحقًا، وكانت منتشرة في معظم مناطق استخراج الحجارة كمنطقة الرويشد الحدودية مع العراق ومنطقة المشقّر القريبة من مادبا، إلا أنها انحصرت في النهاية في محافظة معان.
هذا النوع والحجم من الحجارة يطلبه أصحاب الكسارات ومناشير الحجر القديمة، لأن مناشيرهم لا تستطيع تقطيع الحجارة الكبيرة. ولخشيتهم من تعرض الحجارة للكسر أو التلف في حال نقلها بواسطة الجرافات أو الآليات الحديثة، يعمدون لنقلها يدويًا على ظهور «العتّالين»، في حين تُنقل الحجارة الكبيرة التي تقطع على المناشير الحديثة الكبيرة بالآليات والجرافات.
طلعت منصور، عامل مصري الجنسية، دخل الأردن عام 1993 بتصريح عمل إنشائي، وعن طريق مجموعة من أقربائه بدأ العمل «بالعتالة»، وهو من أقدم العاملين فيها حاليًا. يقول منصور «جيت على الأردن علشان أشتغل، وأوّل ما وصلت دلّوني قرايبي هنا على المحاجرـ ونصحوني أشتغل الشغلانة دي لأنه فيها فلوس أكثر شوية من أي شغل ثاني، لكنها أصعب من أي مهنة ثانية، ويمكن ما فيش أصعب منها».
«بدأت أشتغل بالعتالة وأنا عمري 20 سنة، كنت لسا طالع من الجيش، وعايز أشتغل وأأسس حالي»، يتابع منصور ابن السادسة والأربعين. «كنت أقول لحالي سنتين، ثلاثة، وحَ اتركها، لكن دلوقتي بقالي 23 سنة بشتغلها».
عند سؤاله عن السبب وراء عدم تركه للمهنة يقول «مفيش مادة، مفيش فلوس، أنا عندي دلوقتي ثلاث عيال أكبرهم عمره 17 سنة، ولازم أعيّشهم وأدرّسهم، وأنا معرفش أشتغل شغلانة ثانية غير دي».