الخميس 21، أغسطس 2025
21º
منذ 8 سنوات

أن تجد نفسك "مثل ما سقطت الشمس"

أن تجد نفسك
حجم الخط

راديو أورينت- كتب خضر برهم - أصعب ما يمكن ان يحدث للإنسان هو الانتظار... ان ننتظر حدث، شخص، غائب ليعود. اما الحياة على قيد الانتظار وتشكيل عالم كامل منه لربما هو الاصعب. ولكن عندما يعود المنتظر ماذا سيحدث ؟ ما هي نتيجة انتظارنا ؟ هل سيتحقق حلم الانتظار ؟؟ ام اننا كنا نخلق الوهم ونتلاعب به ويتلاعب بنا ؟؟ هذه الاسئلة واكثر ستجد نفسك تسألها بعد ان تتابع احداث مسرحية "مثل ما سقطت الشمس" لمسرح الحارة.

ما ان بدأ العرض الافتتاحي للمسرحية على خشبة المسرح الوطني الفلسطيني في القدس المحتلة التي أمتلأت جوانبه بالحضور، حتى يشدك العرض منذ الدقيقة الاولى ويبقيك على حافة مقعدك حتى المشهد الاخير. فما ان تلاحظ المسرح وتجد هذا العدد الكبير من المراوح تحيط بخشبته فتبدأ المسرحية بالدخول اليك كي تنقلك الى العاصفة التي ينتظرُ ابطالها الوصول المتوقع "لشادي".
لقد لعب النص الذي كتبه معتز أبو صالح دوراً كبيراً، مقدماً لمخرج العمل بشار مرقص الاداة الاهم بين يديه والتي استطاع ببراعة ان يحوله الى مشاهد حية امامنا. لقد وفر العمل لمخرجه ادوات مميزة بخلاف النص، وقد استطاع ان يتعامل معها بطريقة مميزة مقدماً افضل ما في محمود عوض ونقولا زرينة وميرنا سخلة ومحمد باشا الذين حولوا الشخصيات الى واقع وتميزوا بذلك.

لقد قدم كل الممثلين ادوراً مميزة ومتقنة ولكن لا بد من التوقف عند الاداء المتميز لميرنا سخلة، فمشهد محاكاتها للعاصفة ولذاتها في نفس الوقت والطريقة التي تعاملت فيها مع المشهد وتعابير وجهها جعلت هذا المشهد الذي ترافق مع اضاءة متيمزة وصوت السيدة فيروز،مهم ومأثر ويُطبع بذاكرة المتلقي.
 

أن اختيار اغنيات السيدة فيروز المناسبة جداً للعمل، كان اختياراً ذكي جداً، فقد استطاعت ان تأثر بالحضور وتعطي المسرحية بعداً جديداً ليس لان صوت السيدة لوحده حكاية لا يمكن وصفها، بل لانها جعلت من المشاهد حقيقية ولامست مشاعر الحضور. ولكن ما شعرت به ان استخدام هذه الاغنيات كان امر لا مفر منه، فقد تلاعب النص بكلمات الاغاني بين الاسطر واختيار اسم "شادي" كي يكون البطل المنتظر للعمل يجعل المُشاهد يربطه بالاغنية الاشهر للسيدة التي بذكاء تفاداها المخرج.

الاهتمام بطريقة الملابس لكل شخصية كانت واحدة من العلامات المميزة للعمل، هذا بالاضافة الى الصوت المميز والذي كان ايضاً دوره مهم مبقياً صوت العاصفة المرتقبة مرافقاً لنا في خلفية العمل ومن ثم صوت الرعد الذي كان يتحكم بالايقاع، اما الاضاءة فكانت بطلة مؤدية دورها بطريقة اعطت المسرحية ما كانت بحاجة اليه واكثر.

لا يخفى على احد ان الاعمال المسرحية المقدمة هي قليلة وتأتي بعد فترات طويلة من الانتظار، نحن بحاجة الى اعمال مسرحية تتحدث عنا، تطرح ما يدور في دهاليز ادغمتنا  والأهم ان تحترم عقلنا وهذا ما فعلته هذه المسرحية، ان تجد نفسك بين المشاهد فذلك لان المسرحية قدمت ما كنت انت بحاجة اليه،نحن بحاجة الى ان انجد انفسنا في العمل المقدم، وهذا ما فعلته مسرحية "مثل ما سقطت الشمس".