منذ 8 سنوات
الاحتلال و"فيس بوك" .. وسيلة أخرى للتفوّق ! فأين نحن ؟
حجم الخط
خاص راديو أورينت - هو إعلانٌ مثل كل الإعلانات التي "نظُن" بانها عشوائية، تظهر لنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي، لا سيّما الموقع الأشهــر "فيس بوك"، وقبل أن نتحدّث عن هذا الإعلان "المُريب" تحديداً، دعنا نوضّح كيف وصل إلى شاشات أجهزتنا، نحن الفلسطينيون، ولم تُكتب هذه المادّة لأي غرض، سوى إعطاء شرح مبسّط لإحدى طرق أجهزة الاحتلال المستخدمة ضد أبناء شعبنا.
الترويج الألكتروني .. لجمع المال .. أم لجمع المعلومات !
يقوم الخبير بمواقع التواصل الاجتماعي، بغرض الترويج لشركته أو مكتبه أو بضاعته على سبيل المثال لا الحصر، باختيـار شكل الإعلان الذي يريد والنص المرفق معه، حيث يكون الإعلان بمجمله إما صورة مع تعليق أو مقطع فيديو كامل، ولأن "فيس بوك" يريد أن يضمن أكبر قدر من الربح المادّي من المستخدم، فمبرمجوه يحرصون على تخفيض عدد من يصلهم هذا الإعلان، في حال عدم دفع النقود بشكل ألكتروني لـ"فيس بوك".
والجدير بالذكر، أنه وإن كانت الصفحة المُروّجة للإعلان قد حصلت على 10000 إعجاباً "لايك" على سبيل المثال، فإن الإعلان يصل "دون التمويل" إلى نسبة ضئيلة من المعجبين، لا تتعدّى في معظم الأحيان الـ3 بالمئة، بمعنى أن 300 شخصاُ من الآلاف العشرة سيرون الإعلان، ويتفاعلون معه إن رغبوا فقــط !!
ولهذا، تسعى الصفحات المروّجة لنفسها إلى تجميد كميات من أموالها بشكل شهري أو أسبوعي لتصرفها على شركة "فيس بوك" حتى يصل الإعلان إلى نسبة أعلى من ذلك، والتي يمكن أن تتجاوز الـ100% بكثــير إن كان المبلغ المدفوع جيّداً.
عدد المعجبين ... لا يهـــم !!
بالعودة إلى الإعلان "المريب" الذي بدأنا الحديث عنه آنفاً، فبعد فحص الصفحة وتحليل ما جاء بها منذ إنشائها في عام 2010، فهي لم تتجاوز حتّى لحظة كتابة هذه المادّة حاجز الـ4000 معجب، وهذا رقم ضئيل جداً خلال أكثر من 5 سنوات ونصف من النشر على جدرانها، بدءاً من مقالات ومقاطع مصوّرة تشجب ما تسميه "العنف" وتدعو إلى نبذه، وانتهاءً بمقاطع تحدّثت بكل صراحة عن متواطئين مع الاحتلال بشكل علني أمثال "مصعب حسن يوسف" ابن القيادي الكبير في حركة حماس حسن يوسف، والّذي انشق عن عائلته وحركته منذ عدة سنوات وبدأ نشاطه "التجسسي" مع دولة الاحتلال.
هذا العدد المنخفض من المعجبين خلال كل هذه السنوات له بالطبع تفسيرات عديدة، أولها دون أي شك عدم "توجيه" هذا الإعلان إلى مواطني دولة الاحتلال، لأنه وبالطبع سوف يجمــع آلاف الإعجابات بسرعة كبيرة، ولن يقتصر على الرقم الحالي، فهو بالطبع موجّه بشكل خاص ومحدد إلى المواطنين الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم داخل فلسطين المحتلة، والدليل الآخر هو وصول هذا الإعلان إلى شاشة جهازي الشخصي دون أي عناء، وأكثر من مرّة خلال أيامٍ قليلة.
كاره الصفحة سيضغط "لايك"، والمعجب بها لن يمسّها !!
والسبب الثاني، ويمكن أن يكون مقنعاً أكثر من الأول، أن المعجب" فعلياً" بهذه الصفحة، ويفكّر بشكل جدّي الاستفادة منها بشكل مادّي، "لـــــن" يضغط زر الإعجاب حتّى لا يفضح نفسه ونواياها !! بل على العكس تماماً، فإن كارهي الصفحة من الفلسطينيين والعرب والذين سيحرصون على شتم أي إعلان تضعه إدارة الصفحة هُم من سيضغطون هذا الزر لكي لا يفقدوا هذه الفرصة بعد كل منشور يرونه، وللأسف فإن هذه الطريقة غير مجدية بتاتاً، باعتبار أن الإعجاب بالصفحة والتعليق عليها سيخلق مجالاً أكبر لوصولها إلى أصدقاء المعلّق، مما سيرفع مستوى انتشار الصفحة أكثر فأكثر.
إذاً، باستنتاجٍ بسيط، فإن هذه الصفحة معدّة خصيصاً لكي يتم تمويلها بشكل عام للوصول إلى شاشات الفلسطينيين، ودفع ضعاف النفوس إلى التواصل معها، بغية الحصول على النقود الّتي تعلن عنها إدارة الصفحة بكل سرور، فتارةً تلعب على وترِ العاطفة الإنسانية التي ترفض العنف، وتارةً تراها تكتب في خانة وصفها القصير: "فرص الحياة كثيرة وفي امكانك ان تربح الكثير من النقود" !!
كيف تقيّم إدارة الصفحــة آداءها ؟؟
بهذا، فإن التغذية الراجعة "Feedback" التي تتلقاها إدارة الصفحة لا تكون من خلال كمية الإعجابات عليها أو على منشوراتها، أو حتى رقم المشاهدين لمقاطع الفيديو والصور التي تنشرها، ولكن هذه التغذية الراجعة تكون فقط في عدد الذين سيحاولون بالفعــل التواصل مع إدارتها !!
باختصار، هذه إحدى الطرق التي تحاول أجهزة مخابرات الاحتلال من خلالها اللعب على وتر العاطفة والمال للوصول إلى أكبر عدد ممكن من العملاء والجواسيس، بعلمهم أو بعدمه، الذين يمدّونها بمعلومات يمكن أن تكون مفيدة في عملية ردع أي نوعٍ من أنواع المقاومة الفلسطينية، والسؤال الذي سيترك لك عزيزي القارئ:
ماذا نفعل نحن، مواطنون ومسؤولون، لإيقاف مفعول هذه الإعلانات قبل أن تنهش ما بقي من لحم هذه القضية؟؟



