السبت 19، يوليو 2025
24º
منذ 8 سنوات

الخريف... هل يحمل دلالات سلبية رغم سحره؟

الخريف... هل يحمل دلالات سلبية رغم سحره؟
حجم الخط
شبكة وتر- يستقبل سكان نصف الكرة الأرضية الشمالي في هذه الأيام فصلَ الخريف الذي سيمتدّ لما يقارب 90 يوماً، تنخفض فيها درجات الحرارة، ويطول الليل على حساب النهار. يُسمّى هذا اليوم الذي ننتقل فيه من الصيف إلى الخريف، بالاعتدال الخريفي، ليعلن بداية الفصل في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، حيث تدير الشمس حركتها الظاهرية في السماء نحو الجنوب، ويصادف هذا 22 أو 23 من أيلول. غير أنّ الخريف يبدأ من 20 أو 21 آذار، في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية.

أكثر ما يرتبط بفصل الخريف، هو الصور التي تُظهر أشجاراً من نوع "متساقطة الأوراق"، ملوّنةً بالأصفر والأحمر والبرتقالي وهي تغطّي مساحات شاسعة من المرتفعات والسهول في عدد من دول العالم. ورغم هذه المناظر الساحرة التي تميّز الخريف، إلا أنه يرتبط أيضاً بالكآبة، فما يُعرف بـ "كآبة الخريف" أو "الاكتئاب الشتوي" يبدأ مع هذا الفصل ويوّلد معه حالة من الكسل والخمول، ويشكل 10% من أسباب الكآبة الرئيسية، كما أن المختصّين يعزونه لمغيب ضوء الشمس لفترات أطول.

إضافة إلى ذلك، يحمل مصطلح "خريف" دلالاتٍ سلبية في المجازات اللغوية، عند وصف الأحداث الأخيرة في الأقطار العربية مثلاً، بالخريف العربي، أو تسمية سنّ الشيخوخة بـ "خريف العمر"، وربما يعود ذلك إلى ما يصاحب هذا الفصل من جفاف أوراق الأشجار ثمّ تساقطها في معظم المناطق.

وفي الأدب، فإن الخريف يعني نهاية البشر في الحياة الدنيا ويأسهم، ويأتي طاوياً صفحة الربيع والذي يدلّ حسب شكسبير على "الصبا والشباب" وصفحة الصيف الدالّ على "النضوج". شعراء آخرون كانوا أكثر تفاؤلاً واعتبروا الموت الذي يمثّله الخريف ما هو إلا تهيئة لبداية أخرى، يطلّ معها الشتاء ويأتي بولادة جديدة.

وحول ما فعله الرحابنة في فنّهم بالخريف، قال أحد الكتّاب في مقالة له إنهم أضافوا جماليات جديدة على هذا الفصل، "حيث يصبح ورق الاشجار المتساقط ذهبا مشغولا، وتصبح الشبابيك نافذة لرؤية العمر الجميل وهو يدخل خريفه"، في الإشارة إلى أغنية فيروز "ورقه الأصفر شهر أيلول".

أوراق الشجر تتأهّب للشتاء

طوال فترة الصيف، حيث النهار طويل، وضوء الشمس متوفّر بكثرة، تقوم النباتات بعملية البناء الضوئي، فتمتصّ المياه عن طريق جذورها، وتحصل على ثاني أكسيد الكربون من الهواء، وتحوّل هذين المركّبين إلى أكسجين تطلقه في الهواء، وجلوكوز تستخدمه النباتات كغذاء للحصول على الطاقة والبناء. مادة الكلوروفيل في النباتات تساعدها على القيام بعملية البناء الضوئي، وهي التي تصبغ الأوراق بالأخضر.

ومع الانتقال من الصيف إلى الخريف، تبدأ الأشجار بالتأهب لفصل الشتاء، حيث الضوء أقل للقيام بالبناء الضوئي. تستريح الأشجار، وتعتاش على ما خزّنته من طاقة. يتلاشى بريق الأوراق الأخضر، مع غياب صبغة الكلوروفيل (اليُخضور)، ويبدأ اللونان الأصفر والبرتقالي بالظهور، باعتبار أنهما كانا مخزّنين أصلاً في الأوراق بكمّيات قليلة، ولكنّ الصبغة كانت تغطّيهما. تصطبغ الأوراق أيضاً باللون الأحمر، حيث يتسبب ضوء الشمس مع ليالي الخريف الباردة، بتحوّل لون الجلوكوز الذي يبقى محصوراً في الأوراق عندما يتوقّف البناء الضوئي، فيما تتسبّب الفضلات المتبقّية في الأوراق باللون البني لبعض الأشجار.

يتعلّق ذلك بالأشجار متساقطة الأوراق، أما الأشجار دائمة الخضرة فتحتفظ بلون ورقها كما هو بعد الخريف، لأن طبيعتها الخاصة تقاوم البرودة وشحّ الرطوبة.

وتظهر الصور التالية أجواء الخريف في عدة بلدان، كاليابان والسويد وألمانيا ولاتفيا وكندا وإيطاليا.