منذ 9 سنوات
المطران عطاالله حنا: "القدس عاصمة وحدتنا واخوتنا وتلاقينا المسيحي الاسلامي"
حجم الخط
شبكة وتر-افتتحت يوم امس في مقر مشيخة الازهر في العاصمة المصرية القاهرة فعاليات الملتقى الدولي الاول للشباب المسيحي والمسلم وذلك بعنوان : " دور الاديان في بناء السلام ومواجهة التطرف والارهاب " .
وقد وجه سيادة المطران عطا الله حنا كلمة مسجلة من القدس للمشاركين في اعمال هذا الملتقى وهم شباب وشابات من اكثر من 15 دولة وقال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس في كلمته التي وجهها للمشاركين : بأننا نحييكم من مدينة القدس ونتمنى للقائكم التوفيق والنجاح ونشكر كافة المؤسسات الاسلامية والمسيحية التي بادرت لعقد هذا الملتقى الذي سيستمر وسيتواصل وسينتقل من عاصمة الى عاصمة ومن مدينة الى مدينة تأكيدا على قيم العيش المشترك ورفضا للتحريض المذهبي والكراهية والتكفير والعنف والارهاب واستهداف الابرياء وكلها ممارسات لا تمت الى اي ديانة من الديانات .
ان هذه البادرة ضرورية وهامة في هذه المرحلة الحساسة والحرجة التي تمر بها منطقتنا العربية حيث ان اعدائنا يستهدفوننا ويخططون لتدمير مجتمعاتنا ونسف قيمنا الروحية والوطنية وتدمير قيم التآخي والتعايش واللحمة بين ابناء الامة العربية الواحدة .
اعدائنا يخططون ويمولون ويسعون لتدمير كل ما هو حضاري وكل ما هو انساني في منطقتنا.
ولا يكفي ان نواجه هذه المظاهر التي تعصف بمنطقتنا ببيانات الشجب والاستنكار ، فمظاهر التطرف والعنف بدأت تتغلغل الى مجتمعاتنا العربية بشكل مقلق والسبب يعود الى الفقر والجهل والتخلف والظلم والكبت وعدم وجود التربية الصحيحة .
ولذلك وجب علينا الا نكتفي بإعلان رفضنا لمثل هذه الظواهر السلبية بل يجب ان تكون هنالك مبادرات خلاقة على مستوى الوطن العربي .
هنالك حاجة لمعالجة تربوية تعليمية تثقيفية انسانية اخلاقية ووطنية فمواجهة الارهاب لا يمكن ان تكون فقط مواجهة عسكرية او امنية فهنالك حاجة لمواجهة تعليمية تربوية ثقافية انسانية فكرية .
علينا ان نغرس في نفوس ابنائنا قيم المحبة والاخوة والسلام واحترام الاخر وعلينا ان نقاوم ثقافة الارهاب والموت والعنف والدم التي يسعى البعض لادخالها لمجتمعاتنا بثقافة انسانية حضارية روحية اخلاقية ، فالشر يجب ان يقاوم بثقافة المحبة والاخوة والسلام والتلاقي بين ابناء الامة العربية الواحدة .
المسيحيون والمسلمون في مشرقنا العربي عاشوا معا وسويا لقرون طويلة ، لم يكن الاختلاف الديني حائلا امام تعاونهم وتفاعلهم وتعاضدهم وخدمتهم لشعوبهم واوطانهم تكريسا للقيم المشتركة والمبادىء الانسانية السامية .
لماذا يسعى البعض لجعل الدين سيفا مسلطا على رقاب الناس وسورا يفصل الانسان عن اخيه الانسان ولماذا يسعى البعض لتشويه رسالة الدين وصورته ، فالدين ليس عنفا وكراهية وموتا وقتلا ، بل هو محبة وسلام وخدمة وعطاء وتواصل انساني وحضاري مع اخوتنا في الانسانية.
علينا ان نزيل بوعينا وحكمتنا واستقامتنا كافة الاسوار الوهمية التي يسعى البعض لاقامتها فيما بيننا ، علينا ان ننسف اسوار الكراهية والبغضاء والحقد وان نبني مكانها جسور التواصل والاخوة والتعاون خدمة لشعوبنا ومنطقتنا وانسانيتنا .
من هو المستفيد من تفكيك المجتمعات العربية واثارة الضغينة والكراهية في صفوفنا وبين ظهرانينا انهم اعدائنا الذين يسعون لتقسيم المقسم وتجزئة المجزء ، انهم اولئك الذين يريدوننا ان نكون منهمكين بصراعات دينية ومذهبية لكي يتسنى لهم تمرير مشاريعهم المشبوهة في فلسطين وفي مدينة القدس بشكل خاص .
لماذا يريدون تمزيقنا وتفكيك مجتمعاتنا وزرع بذور الكراهية في بلداننا انهم يقومون بذلك خدمة للاعداء الذين يسعون لتشويه صورة مشرقنا العربي وطمس معالمه الروحية والحضارية والانسانية .
من هو المستفيد من افراغ منطقتنا العربية من المسيحيين وغيرهم من المواطنين ، من هو المستفيد من اختطاف رجال الدين وتدمير الصروح الدينية والتاريخية ، من هو المستفيد من هذا الدمار الهائل الذي حل بمنطقتنا واعادنا مئات السنين الى الوراء ناهيك عن الدماء البريئة التي أهرقت والتهجير وغيرها من المظاهر المأساوية .
علينا ان نفكر بالمستقبل والا نستسلم لما يخطط لنا من قبل اعدائنا ، لا يجوز لنا ان نستسلم لهذا السايكسبيكو الجديد الذي يريدون تمريره في منطقتنا ، لا يجوز ان نبقى صامتين مكتوفي الايدي امام هذه الكوارث الانسانية والحضارية التي حلت بمنطقتنا ، فعلينا ان نفكر بمستقبلنا، فالمستقبل نصنعه بسواعدنا وبوعينا وبحكمتنا .
فلسطين الارض المقدسة هي قضية تجمعنا جميعا مسيحيين ومسلمين وما ألم بسوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها من الاماكن يحزننا في الصميم ولكننا يجب ان ننهض من بين الركام وان ننظر الى الامام وان نسعى من أجل افشال كافة المخططات المعادية التي تسعى لاختراق مجتمعاتنا العربية .
ادعو المؤسسات الدينية الاسلامية والمسيحية ان تقوم بدورها وادعو المؤسسات التعليمية والاكاديمية والثقافية ان تؤدي دورها وادعو كل انسان مسؤول ايا كان موقعه وايا كانت رتبته ان يسعى من اجل تكريس ثقافة المحبة والاخوة بدل ثقافة الكراهية والعنف والتطرف .
وخاطب سيادته الشباب المشاركين في الملتقى : انتم امل المستقبل ، انتم بناة المرحلة الجديدة ، انتم بناة ثقافة الحياة التي بها نبني اوطاننا ونعمر بلداننا ونرمم ما حل بنا من دمار وخراب ، فلا تستسلموا لثقافة الكراهية والعنف والارهاب فثقافة المحبة هي اقوى من كل شيء لأن الشر مصدره الشيطان واما المحبة فمصدرها الله تعالى الذي يدعونا ويعلمنا ان نحب بعضنا بعضا.
ان هذه المبادرة اليوم في القاهرة سوف تنتقل الى عواصم عربية اخرى والى دول اخرى ايضا لكي نؤكد للجميع بأن الدين لا يفرقنا ولا يبعدنا عن بعضنا البعض ، بل يجمعنا في بوتقة انسانية واحدة خدمة لاوطاننا وشعوبنا وانساننا .
لا تنسوا فلسطين الارض الجريحة والقدس المتألمة والمحاصرة والتي هي بحاجة اليكم فبإخوتنا وتعاضدنا ولحمتنا نكون اقوياء في مواجهة ما يعصف بنا من مؤامرات ومخططات مشبوهة ، معا وسويا نحمي فلسطين وعاصمتها القدس ومعا وسويا نحفظ وحدة امتنا العربية بمسيحييها ومسلميها ، ومعا وسويا نكرس الخطاب الانساني الذي يقرب الانسان مع اخيه الانسان ، فأي خطاب يفرق ويمزق ويدمر مجتمعاتنا مصدره الشيطان وكل خطاب يزرع المحبة والالفة في القلوب ويقرب الناس مع بعضهم البعض انما مصدره القلب المحب المؤمن بالله الذي يبشرنا بقيم المحبة والاخوة والسلام .
مسيحيين ومسلمين معا ندافع عن فلسطين ونحفظ ونصون القدس ومعا وسويا نصون وحدة امتنا ونفشل مؤامرات الاعداء المنظورين والغير منظورين .
وقد خاطب سيادة المطران المشاركين في هذا الملتقى من القدس حيث كان من اولئك المبادرين لعقد مثل هذه اللقاءات وقد طرح هذه الافكار في لقاءه الاخير مع شيخ الازهر ومع قداسة بابا الكنيسة القبطية ومع كثير من المرجعيات الدينية الاسلامية والمسيحية .