الخميس 18، ديسمبر 2025
17º
منذ 9 سنوات

فلسطين: على المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق رسمي يجب تحقيق عدالة نزيهة مع دخول الاحتلال عامه الخمسين

فلسطين: على المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق رسمي يجب تحقيق عدالة نزيهة مع دخول الاحتلال عامه الخمسين
حجم الخط
شبكة وتر -  مع دخول الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة عامه الـ 50، دعت “هيومن رايتس ووتش” اليوم المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق رسمي في الجرائم الدولية الخطيرة المرتكبة في فلسطين من قبل إسرائيليين وفلسطينيين. قالت هيومن رايتس ووتش إنه نظرا للأدلة القوية على ارتكاب جرائم خطيرة في فلسطين منذ 2014، ومنها أعمال نقل سكان إلى أراضٍ محتلة، فإن على مدعية المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا أن تفتح تحقيقا رسميابما يتفق مع “نظام روما الأساسي” المنشئ للمحكمة. مطلوب تحقيق من المحكمة الجنائية الدولية نظرا لجسامة العديد من الانتهاكات ونظرا للمناخ السائد للإفلات من العقاب على هذه الجرائم. قالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش سارة ليا ويتسن: “بعد حوالي نصف قرن من الإفلات من المحاسبة، حان الوقت لكي يدفع المسؤولون عن الجرائم الخطيرة، سواء بحق الفلسطينيين أو الإسرائيليين، الثمن. على مدعية المحكمة الجنائية الدولية المضي قدما في التحقيق في الجرائم المرتكبة من قبل جميع الأطراف لتتحقق للضحايا العدالة صعبة المنال إلى الآن”. أصدرت هيومن رايتس ووتش بيانها في الذكرى 49 لانطلاق حرب يونيو/حزيران 1967 (حرب الأيام الستة) التي نتج عنها احتلال الأراضي الفلسطينية. بدأ نفاذ معاهدة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية بالنسبة لفلسطين في 1 أبريل/نيسان 2015، ما منح المحكمة ولاية على الجرائم الجسيمة التي تخرق القانون الدولي، وتشمل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة على الأراضي الفلسطينية أو انطلاقا منها. في 1 يناير/كانون الثاني 2015 أعطت الحكومة الفلسطينية المحكمة ولاية تعود إلى 13 يونيو/حزيران 2014، لتغطي نزاع غزة عام 2014. بناء على سياسة بنسودا فيما يخص الرد على إعلاناتقبول ولاية المحكمة، فقد بدأت المدعية العامة للمحكمة فحصا تمهيديا للوضع في فلسطين في 16 يناير/كانون الثاني 2015. أثناء عملية الفحص التمهيدي، تتوصل المدعية لما إذا كانت معايير استحقاق فتح تحقيق رسمي قد استوفيت، بناء على المعلومات المتوفرة علنا أو المقدمة لمكتبها. راسلت هيومن رايتس ووتش بنسودا في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 لتطلعها على معلومات من بحوثذات صلة بالتحقيق. يشمل تحقيق المدعية التمهيدي تحليل ما إذا كانت الجرائم المذكورة في نظام روما، المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، قد وقعت، وما إذا كانت هذه الجرائم كما حدثت تكفي لاستحقاق نظرها من طرف المحكمة، وما إذا كانت السلطات الوطنية قد نفذت تحقيقات موثوقة وحقيقية، وإن كانت قد بدأت ملاحقات قضائية في قضايا تحت نظر المحكمة، بما أن المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة ملاذ أخير. تقرير الفحص التمهيدي الصادر عن الادعاء في 2015، وصدر في 12 نوفمبر/تشرين الثاني، ورد فيه أن مكتب الادعاء يقيّم ما إذا كانت هناك أسانيد مقبولة للاعتقاد بارتكاب جرائم تدخل ضمن ولاية المحكمة في فلسطين. أثناء الاقتتال في غزة عام 2014 وثقت هيومن رايتس ووتش – وكذا فعلت لجنة تقصي الحقائق ومنظمات دولية ومحلية معنية بحقوق الإنسان – هجمات غير قانونيةللجيش الإسرائيلي وجماعات فلسطينية مسلحة، اشتملت على جرائم حرب ظاهرة. أودى القتال بحياة أكثر من 1500 مدني في قطاع غزة، ودمر مستشفيات ومنشآت بنية تحتية مدنية أخرى، ودمر بيوت أكثر من 100 ألف فلسطيني. أطلقت جماعات فلسطينية مسلحة صواريخ وقذائف هاون نحو مراكز مدنية إسرائيلية ما أودى بحياة 5 مدنيين وأدى بالآلاف لمغادرة بيوتهم مؤقتا. كما أضرت جماعات فلسطينية مسلحة بالمدنيين الفلسطينيين إذ أطلقت القذائف من مناطق مأهولة بالسكان وأخفت أسلحة في مدارس للأمم المتحدة، بحسب الأونروا. توصلت لجنة تقصي الحقائق الأممية إلى معلومات كثيرة تشير لارتكاب القوات الإسرائيلية والجماعات الفلسطينية المسلحة لانتهاكات جسيمة لقوانين الحرب، وأن هذه الانتهاكات يبدو أنها جزء من قرارات تنبع من سياسات ينتهجها الطرفان. لا تقتصر الجرائم المزعومة على القتال في غزة عام 2014، على حد قول هيومن رايتس ووتش. يصنف نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية أيضا نقل القوة المحتلة لمدنييها إلى أراض تحتلها “بشكل مباشر أو غير مباشر” بصفته جريمة حرب. نقل السكان من الأراضي المحتلة إلى أماكن أخرى داخل هذه الأراضي أو خارجها يعد أيضا جريمة حرب. منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية في 1967 دأبت على تيسير نقل مدنييها إلى مستوطنات بالضفة. يسرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عمليات النقل هذه، رغم أن المستوطنات في الأراضي المحتلة غير قانونية بحسب القانون الدولي الإنساني، وتعد هذه العملية جزءا من السياسات الإسرائيلية التي تستلب الفلسطينيين وتميز ضدهم وتنتهك حقوقهم، على حد قول هيومن رايتس ووتش. رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية – التي لها ولاية على الأنشطة العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية –الحُكم في قانونية نقل المدنيين الإسرائيليين إلى الضفة الغربية، إذ قالت إن هذه مسألة سياسية بالأساس. أصدر الأمين العام للأمم المتحدة تقريرا في يناير/كانون الثاني حول المستوطنات الإسرائيلية ورد فيه أن وجود واستمرار تطوير المستوطنات الإسرائيلية يقع في القلب من طيف عريض من انتهاكات حقوق الإنسان في الضفة الغربية وتشمل القدس الشرقية. استمرت جميع هذه السياسات منذ 13 يونيو/حزيران 2014، وتشمل أعمال نقل جديدة لآلاف المدنيين الإسرائيليين إلى الضفة. يمكن لمدعية المحكمة الجنائية الدولية – دون طلب من دولة عضو بالمحكمة أو من مجلس الأمن – أن تسعى لفتحتحقيق بمبادرة منها، لكن تحتاج لذلك تصريحا من الدائرة التمهيدية بالمحكمة. يعتمد القضاة على المواد المقدمة من الادعاء لتحديد ما إذا كانت هناك “أسانيد معقولة” للمضي قدما في القضية، أخذا في الاعتبار متطلبات المحكمة بشأن جسامة الجرائم وعدم القدرة أو عدم الاستعداد من طرف المحاكم الوطنية للملاحقة القضائية. تحرك الادعاء بمبادرة منه في قضايا في كل من كينيا وكوت ديفوار وجورجيا. في 25 يونيو/حزيران 2015 قدم وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي معلومات لمكتب بنسودا لمساعدتها في تحقيقها. قدمت فلسطين معلومات إضافية في 3 أغسطس/آب و30 أكتوبر/تشرين الأول. كما قابل عاملون بمكتب الادعاء مسؤولين فلسطينيين في 19 مارس/آذار 2016 في عمان بالأردن، بحسب تقارير إخبارية. في حين أعلنت إسرائيل في يوليو/تموز إنها ستفتح حوارا مع بنسودا حول فحصها التمهيدي، فقد قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إن إسرائيل تعتزم توضيح موقفها بأن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها اختصاص على الوضع في الضفة الغربية وغزة. وقعت إسرائيل نظام روما لكن لم تصدق عليه، وفي 2002 أعلنت أنها لا تعتزم أن تصبح عضوة بالمحكمة. من ثم فليست إسرائيل مُلزمة قانونا بالتعاون مع المحكمة. كذلك قدمت بعض المنظمات غير الحكومية الفلسطينية معلومات لتنظرها مدعية المحكمة، ومنها “مركز الميزان لحقوق الإنسان” و”الحق” و”الضمير” و”المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان”. خلال الشهور الأخيرة تلقى أحد العاملين بمركز الحق – في لاهاي – تهديدات بالقتلتعتقد المنظمة أنها متصلة بنشاطها في المحكمة الجنائية الدولية. أشارت مدعية المحكمة الجنائية الدولية لأنه لا يوجد إطار زمني محدد لفحصها التمهيدي. إذا بدأت المدعية تحقيقا في فلسطين فسوف تكون الحالة الحادية عشرة التي تخضع لتحقيق المحكمة. تنظر بنسودا أيضا مسألة الحاجة لتحقيقات في كل من أفغانستان وكولومبيا وأوكرانيا، فضلا عن دول أخرى. المحكمة الجنائية الدولية ممولة بالأساس من إسهامات الدول الأعضاء فيها. يعاني تمويلها من ضغوط بسبب إجراءات تقشف بعض الحكومات، وتحاول المدعية تنفيذ العديد من التحقيقات المطلوبة والملحة التي بدأت فيها بالفعل، مثل تحقيق كوت ديفوار وتحقيق ليبيا. قالت هيومن رايتس ووتش إن قدرة المحكمة على الوفاء بالطلب المتزايد دائما على العدل الدولي تتصل حتما بضرورة توفر الموارد اللازمة. قالت ويتسن: “يجب ألا يتسبب جدول الأعمال المزدحم في إحباط المدعية عن المضي قدما في الحالة الفلسطينية، وفي السعي لإسقاط الإفلات من العقاب. على الدول أعضاء المحكمة الجنائية الدولية تصعيد الدعم للمحكمة لضمان نيل جميع ملفات الفحص التمهيدي التي فتحتها المدعية للاهتمام المستحق”.