السبت 16، أغسطس 2025
32º
منذ 9 سنوات

فنانو غزة يحلقون أبعد من الحصار بـ"طفولة محاصرة"

حجم الخط
شبكة وتر - على ارتفاع عشرين متراً، يقرفص أربعة فنانين على خشب البناء، ممسكين بأدوات الرسم والتلوين، وبين الفينة والأخرى يلوحون للمارة الذين استوقفتهم اللوحة لالتقاط صور "السيلفي ".

رغم أن اللوحة لم تكتمل بعد لكنها استوقفتنا لمقابلة هؤلاء الشبان، فيصرخ صديقهم من الأسفل "بلال، ماجد ممكن تنزلوا لمقابلة صحافية "، بروح الدعابة يرد بلال "تفضلوا في الصالون ".

في "الصالون" وهو عبارة عن مجموعة إطارات سيارات يتخذها الفنانون مكانًا لالتقاط أنفاسهم بعد إجهاد يوم طويل، لإتمام  أكبر جدارية في فلسطين على أحد الأبراج في قطاع غزة.

رسمت الجدارية التي تمثل طفلة فلسطينية متشحة بالكوفية، على أحد الأبراج الذي تعرض للاستهداف في العدوان يوليو،  وتحتل مساحة ارتفاعها (  20مترًا ) وعرضها ( 15مترًا ) ما يجعلها الأكبر في فلسطين.  يقول الفنان بلال خالد ( عاما)صاحب فكرة الجدارية " اخترنا برج الظافر لإحياء المبنى  و لوقوعه في منطقة حيوية تجذب انتباه المارة, وقد لاقت ترحيبا من إدارة المبنى واستعداد للمشاركة في العمل. "

الجدارية التي حملت عنوان " طفولة محاصرة ", تأتي ضمن فعالية "لما الحيطان تحكي" الممولة من "  "الاتحاد الأوروبي للمراكز الثقافية والتي شارك فيها مجموعة من الفنانين في الضفة الغربية وقطاع غزة . EUINC"

يوضح الفنان بلال(24عاماً):" الجدارية تمثل كل أطفال غزة المحاصرين،  واخترناها جميلة لتعكس جمال غزة، بينما القضبان فهي رمز للحصار المفروض على قطاع غزة،  والخلفية اخترناها ذات ألوان زاهية لتعكس أحلام الأطفال الجميلة. "

بين الفينة والأخرى يتوقف ليتبادل مع زميل آخر تعليقات حول الرسمة، ويضيف لنوى " الجدارية تحمل رسالة للعالم ومنظمات حقوق الطفل للاهتمام بأطفال غزة و توفير مقومات الحياة التي يحتاجها أي طفل آخر،  ولكي نثبت للعالم أن غزة قادرة على الإبداع. "

بينما يرى الفنان العشريني ماجد مقداد (33عاماً)، أحد الفنانين الاربعة المشاركين في العمل، أن اللوحة المادية تعكس الظلم والقهر الواقع على الأطفال،  مضيفاً" اللوحة بالأبيض والأسود لتمثل كل فلسطين وتبدو بريئة ومحبة للحياة. "

 يعتبر مقداد العمل الفني تحديًّا للفنان الغزيّ ,ليثبت أن لديه قدرات ابداعية عالية تضاهي قدرات الفنانين العالميين.

يطغى على أعمال الفنانين الغزيين في الآونة الأخيرة تفصيلات الحياة الغزية، ويوضح مقداد بالقول " الفن مرتبط بما يدور حوله والفنان غير منفصل عن الواقع، تستفزه الأحداث التي عايشها فيعكسها من خلال عمل فني. "

وحول الصعوبات التي تواجههم في انجاز الجدارية يقول " الجحم يمثل اكبر العقبات خاصة أنها أول تجربة لنا،  إضافة إلى الإرهاق الجسدي الناتج عن الصعود والهبوط من أعلى للتدقيق في اللوحة. "

يضيف مازحاً:" كدت أسقط في إحدى المرات وتعلقت في الأعلى من بنطالي،  ولكن رؤية الانبهار يعلو وجوه المارة يدفعنا للمضي أكثر ومواصلة العمل."