برنامج الصدمة، البديل الأكثر حضورا عوضا عن سخافة رامز بيلعب بالنار

ولعل قيمة برنامج رامز بيلعب بالنار الوحيدة هي طبيعة الإبهار الذي يتم تقديمه في البرنامج، وحجم وأهمية النجوم الذين يتم جلبهم إلى المصيدة، فكثير من الترف والبذخ في تكاليف الإنتاج التي يحاول العالم الآن التخلي عن مثلها من الإنتاجات، بل ويحاول توظيف كل شيء في المضمون، طائرة عمودية تقلع في كل حلقة، أعتقد أنها لا تقدم ولا تؤخر البتة في طبيعة المفاجأة، ولكن طالما هناك من يدفع تكاليف الإنتاج فلم لا، فلم يفكر رامز أبدا في وضع أي خيط يربط برنامجه بقضية انسانية، مثل قضية اللاجئين والمهاجرين عبر البحر، مع انها كانت فرصة ذهبية لهذا البرنامج، هذه القضية التي تطغى على كل القضايا في العالم، والتي باتت تتحكم بعلاقات الكثير من الدول ببعضها البعض. حتى أن رامز لم يفكر في جعل المكافأة المالية التي تقدم لهؤلاء النجوم، مكافأة للصالح العام، بحيث يختار النجم قضية أو مؤسسة خيرية يدعمها من خلال تلك المكافأة، رامز أصلا لم يفكر حتى في ايصال اي رسالة، سوى أنه استمر في التمييز في التعامل بين النجوم العرب وحجم شعبيتهم، وبين النجوم العرب والأجانب الذين وصل اليهم البرنامج، وكان تمييزا واضحا لا لبس فيه، لا يخلو من استعلاء البرنامج نفسه.
بينما يقدم برنامج الصدمة كاميرا خفية راقية المعاني، فهو الذي سخر الإمكانيات الكبيرة في التواجد في العديد من الدول العربية، بنقل رسالة mbc أكثر من غيره من البرامج، فينقل مشاعر الناس ومواقفها وردات فعلها، وغالبا هو يحاول كسب تعاطف الناس، وإيصال رسائل عدة في غاية الرقي والإنسانية ويعيد فعلا طرح الأسئلة الأكبر في وجدان الشعوب العربية في البحث عن انسانيتنا التي تاهت طويلا بسبب الحروب. فالصدمة يجعل كل من يشاهده في مواجهة مع الذات، وفي التساؤل الأهم، ماذا لو كنت هناك، لكني أعتقد أن الأهم من الإجابة هو قدرة هذا البرنامج على الحسم، فيدفع كل منا للقول بينه وبين نفسه، نعم علي ألا أتردد في التدخل وتقديم المساعدة، لا يمكن أن أظهر بمظهر المتفرج، رغم أن المتفرجين أنفسهم أيضاً ليسوا ملامين، فظروف كثيرة تحكم تدخل أي منا من عدمه في حادثة قد تحدث أمامه، قضايا الهجرة والمواطنة، قضايا القدرة المالية من عدمها، وقضايا لها علاقة بالخوف من النتائج في مجتمعات ترفض أصلا التدخل في قضايا تعتبر شخصية، مع أنها في العالم لم تعد كذلك.
الإعلام العربي مطالب الآن أكثر من أي وقت مضى لمحاولة انقاذ ما تبقى من قيم في عالمنا العربي، وإلا فنحن نساهم تماما بما تنتجه المجموعات المتطرفة من ثقافة الإقصاء والتخلف والأنانية، فنحن بأمس الحاجة لإعادة قيم التعايش المشترك، ونصرة المقهورين والمظلومين والفقراء، والدفاع عن الحق العام بالنظافة واحترام حق الحياة الكريمة والمساواة للنساء في مجتمعاتنا الذكورية ورفض العنف واحترام حقوق الطفل.