منذ 9 سنوات
قضية تمام شد : سر رجل سمرتون وحادثة موته الغامضة
حجم الخط
شبكة وتر-كان الجواهري جون ليونز يتنزه مع زوجته على شاطئ سمرتون في الساعة السابعة من مساء 30 نوفمبر ١٩٤٨, وعلى بعد عشرين ياردة منهما كان هناك رجل أنيق يجلس متكئاً على الجدار البحري قبالة الشاطئ و رجلاه ممدودتان و يضع قدميه فوق بعضهما بشكل متصالب , أثناء ذلك لاحظه الزوجان وهو يمد ذراعه اليمنى إلى أقصى ما يستطيع ثم تركها تسقط بإهمال كأنه كان ثملا، هذا ما اعتقده السيد جون و لم يعيراه اهتماما و مضيا يكملان نزهتهما .
بعد نصف ساعة كانت السيدة اوليف نيل و رفيقها السيد غوردان, ينظران من فوق الجدار البحري و شاهدا نفس الرجل يتمدد في نفس البقعة, و ذلك خلال الفترة التي تمت إضاءة أنوار الشارع خلالها. قالت السيدة بأنه كان هناك أشخاص آخرون من ضمنهم رجل ربما في الخمسينات من عمره يعتمر قبعة وقد ظل واقفا ينظر في اتجاه معين و ظنت السيدة نيل انه كان ينظر باتجاه ذلك الرجل.
و حسب ما قالاه فإنه كان يرقد في نفس البقعة و لم يتحرك أبدا خلال النصف ساعة التي رأياه فيها, و كان البعوض يحوم حول وجهه فلم يحاول إبعاده عنه, ولفتت السيدة نيل انتباه رفيقها متسائلة عما إذا كان نائما, فأخذ ينظر إليه لبرهة و توقع ساخراً أن يكون ميتا, لكنهما لم يتحققا من الأمر و ذهبا في طريقهما .
في اليوم التالي ذهب السيد ليونز عند السادسة و خمسون دقيقة صباحاً ليسبح في نفس الشاطئ الذي كان هو و زوجته يتنزهان بمحاذاته الليلة الفائتة وعندما خرج من المياه وجد صديقه هناك فأخذا يتجاذبان أطراف الحديث, خلال أحاديثهما لاحظا أن مجموعة من الرجال كانوا يتجمعون حول رجل ميت كان يستلقي في نفس البقعة التي رأى فيها الرجل الغريب في الليلة الماضية و عندما اقترب السيد ليونز و رآه اشتبه أن يكون هو نفس الرجل فذهب لبيته و ابلغ الشرطة.
قامت شرطة برايتون بإرسال الشرطي موس إلى الموقع ليتعرف على ما ستصبح لاحقا الجريمة الأكثر غموضاً و غرابة في التاريخ الأسترالي حيث لا هوية للضحية، و لا للقاتل و لا لسبب للوفاة. جريمة مليئة بالألغاز و الأسرار و الأحداث الغريبة, ارتبطت بأشخاص غرباء و اتصلت بها جرائم أخرى لا تقل غرابة .
الميت الغامض ..
كان يتمدد على الشاطئ بالقرب من الجدار البحري بالضبط حيث رآه الشهود في الليلة السابقة, كانت قدميه متصلبتين وتشيران ناحية البحر و ذراعه اليسرى ممدوه بشكل مستقيم بينما ذراعه اليمنى مثنية، كانت أعضاءه قد بدأت بالتيبس, و لم يبدو عليه ما يدل على تعرضه لأي نوع من العنف سواء طعنة سكين أو رصاص مسدس, و لم يكن ينزف بأي شكل من الأشكال. لقد بدا و كأنه مات ميتة هادئة بسلام و قد سقطت منه سيجارته قبل أن ينتهي من تدخينها و وقعت في طية سترته اليمنى التي كان يضغط عليها بذقنه ليبقيها في مكانها ولكن بالرغم من ذلك لم تخلف عليه آثار حروق، وكذلك وجدوا سيجارة أخرى لم يتم تدخينها بعد موضوعة خلف أذنه .
كان الرجل يرتدي قميصا ابيضا بربطة عنق ذات لون احمر مقلمةُ باللونين الأزرق و الأبيض، و كان يضع بلوڤرا بنيا و من فوقه معطفا, و بنطالاً بني اللون كان قد قام برتق احد جيوبه بخيط برتقالي , لم يكن الخيط من النوع الذي يصلح لإجراء الرتوق مما أوحى انه ربما قام بذلك بشكل طارئ. كذلك كان يرتدي جوربين و حذاءا لامعا ذو أربطة, لم تكن عليه قبعة و كان هذا شيئا غريبا في ذلك الوقت. ملابسه كانت توحي بالأناقة لكن ارتداءه لهذه الملابس فوق بعضها في مثل ذلك الجو الحار أثار الاستغراب كأنه كان يرتدي ملابسه على عجل من دون تفكير بما كان يرتدي أو ربما لم يكن لديه مكان ليضع فيه ملابسه فقام بلبسها فوق بعضها.
لوحظ على ملابسه شيء أثار الاستغراب، فقد كانت البطاقة اللاصقة التي تحوي معلومات اللباس و التي تكون بالعادة على شكل قطعة قماش تخاط بمكان ما داخل اللباس ، كانت تلك البطاقات جميعا منزوعة عن ملابس القتيل، و كأن هناك من كان يحاول إخفاء أي معلومات قد تؤدي للكشف عن هوية الرجل.
بعد التحقيق الميداني تم نقل الجثة الغامضة إلى مستشفى اديليد الملكي ، و كإجراء روتيني أعلن الطبيب جون باركلي وفاة الرجل بشكل رسمي ، علل أسباب الوفاة بالسكتة القلبية ، و رجح أن يكون السم هو السبب, وحدد وقت الوفاة عند الساعة الثانية صباحا ثم قام بتحويل الجثة إلى المشرحة.


رجل بلا هوية ..
بينما كان الأطباء مشغولون بتشريح الجثة ، كان المحققون يواجهون صعوبة قصوى في تحديد هوية الرجل الميت ، فهو لا يحمل أية أوراق ثبوتية. وقد قاموا بالبحث في جميع بلاغات المفقودين فلم يجدوا فيها ما يتطابق مع مواصفات الضحية.
لجأ المحققون إلى الحل الذي لم يحبذوه أبداً و لم يرغبوا باللجوء إليه و هو طلب مساعدة الصحافة للتعرف على هوية القتيل . الشرطة عادة ما تتجنب هذه الوسيلة لأن كل من لديه قريب مفقود سوف يظن بأن الجثة تعود إليه , وسيكون هناك آلاف الناس يدعون معرفتهم به ، مما يضطر المحققون إلى التأكد من كل إدعاء على حدة مما يضاعف الجهد و يعيق التركيز على القضية.
في عددها الصادر بتاريخ 2 ديسمبر ذكرت صحيفة الادفرتايزر الخبر على صفحتها الثالثة و أفادت انه يُشتبه في كون الجثة تعود للسيد إي سي جونسون البالغ من العمر 45 عاماً, لكن في اليوم التالي دخل رجل إلى قسم الشرطة و اخبرهم أنه هو السيد إي سي جونسون وهو حي يرزق و بذلك أعادهم إلى نقطة الصفر.
صحيفة نيوز المسائية قامت بنفس اليوم بنشر صورة الضحية على صفحتها الأولى فانهمرت الاتصالات على قسم الشرطة من أناس يزعمون تعرفهم على صاحب الجثة.
تقدم إلى قسم الشرطة شخصين ليؤكدان أنهما تعرفا على هوية الضحية وهو السيد روبرت والش ذو الثلاثة و الستون عاما و الذي يمتهن قطع الأخشاب, وكان السيد والش قد سافر قبل عدة أشهر ليشتري بعض الخراف من مدينة كوينزلاند لكنه لم يعد أبدا.
وتقدم للشرطة شخص يدعى جيمس ماك ليتعرف على هوية الضحية لكنه حين نظر إلى الجثة لم يستطع ذلك, وبعد مرور ساعة على مغادرته قسم الشرطة اتصل بهم و اخبرهم انه عندما شاهد الجثة لم يكن واثقا بالبداية بسبب لون شعر الضحية ولكنه الآن متأكد بأنه السيد روبرت والش.
لكن السيدة اليزابيث تومسون وهي أحد الشخصين اللذان زعما في البداية تعرفهما على الضحية على أنه السيد والش, حين شاهدته للمرة الثانية غيرت رأيها و قالت انه ليس هو فقد كان لدى السيد والش ندب واضح في جسده و كانت ساقيه كبيرتين و هذا ما لم يكن لدى الميت.
